نسائه فقالت يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأنزل الله تعالى * (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات) * ' الآية وأخرج في سورة التحريم وقال حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم عن حميد عن أنس قال ' قال عمر رضي الله تعالى عنه اجتمع نساء النبي في الغيرة عليه فقلت لهن * (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) * فنزلت الآية ' وأصل هذه القضية أن رسول الله كان إذا صلى الغداة دخل على نسائه امرأة امرأة وكانت قد أهديت لحفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنهما عكة من عسل فكانت إذا دخل عليها رسول الله مسلما حبسته وسقته منها وأن عائشة رضي الله تعالى عنها أنكرت احتباسه عندها فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها خضرة إذا دخل رسول الله على حفصة فادخلي عليها فانظري ماذا تصنع فأخبرتها الخبر وشأن العسل فغارت فأرسلت إلى صواحبها وقالت إذا دخل عليكن رسول الله فقلن إنا نجد منك ريح مغافير وهو صمغ العرفط كريه الرائحة وكان رسول الله يكره ويشق عليه أن يوجد منه ريح منتنة لأنه يأتيك الملك فدخل رسول الله على سودة قالت فما أردت أن أقول ذلك لرسول الله ثم إني فرقت من عائشة فقلت يا رسول الله ما هذه الريح التي أجدها منك أكلت المغافير قال لا ولكن حفصة سقتني عسلا ثم دخل رسول الله على امرأة امرأة وهن يقلن له ذلك ثم دخل على عائشة فأخذت بأنفها فقال لها النبي ما شأنك قالت أجد ريح المغافير أأكلتها يا رسول الله قال لا بل سقتني حفصة عسلا قالت جرست إذا نحله العرفط فقال لها والله لا أطعمه أبدا فحرمه على نفسه قالوا وكان رسول الله قسم الأيام بين نسائه فلما كان يوم حفصة قالت يا رسول الله إن لي إلى أبي حاجة نفقة لي عنده فأذن لي أن أزوره وآتي بها فأذن لها فلما خرجت أرسل رسول الله إلى جاريته مارية القبطية أم إبراهيم وكان قد أهداها له المقوقس فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا فجلست عند الباب فخرج رسول الله ووجهه يقطر عرقا وحفصة تبكي فقال ما يبكيك فقالت إنما أذنت لي من أجل هذا أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي أما رأيت لي حرمة وحقا ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن فقال رسول الله أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي اسكتي فهي علي حرام ألتمس بذاك رضاك فلا تخبري بهذا امرأة منهن وهو عندك أمانة فلما خرج رسول الله قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت ألا أبشرك أن رسول الله قد حرم عليه أمته مارية فقد أراحنا الله منها وأخبرت عائشة بما رأت وكانتا متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي فلم يزل نبي الله حتى حلف أن لا يقربها فأنزل الله تعالى * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * يعني العسل ومارية ثم أن عمر رضي الله تعالى عنه لما بلغه ذلك دخل على نسائه فوعظهن وزجرهن ومن جملة ما قال * (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) * فأنزل الله هذه الآية فهذا من جملة ما وافق عمر ربه عز وجل ووافقه ربه. وقال صاحب الكشاف (فإن قلت) كيف يكون المبدلات خيرا منهن ولم يكن على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين (قلت) إذا طلقهن رسول الله لعصيانهن له وإيذائهن إياه لم يبقين على تلك الصفة وكان غيرهن من الموصوفات بهذه الأوصاف مع الطاعة لرسول الله النزول على هواه ورضاه خيرا منهن وإنما أخليت الصفات كلها عن العاطف ووسط بين الثيبات والأبكار لأنهما صفتان متنافيتان لا يجتمعن فيهما اجتماعهن في سائر الصفات فلم يكن بد من الواو وقال النسفي الآية واردة في الإخبار عن القدرة لا عن الكون في الوقت لأنه تعالى قال إن طلقكن وقد علم أنه لا يطلقهن وهذا كقوله * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) * الآية فهذا إخبار عن القدرة وتخويف لهم لا أن في الوجود من هو خير من أمة محمد (قال أبو عبد الله قال ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني حميد قال سمعت أنسا بهذا) أبو عبد الله هو البخاري نفسه وابن أبي مريم هو سعيد بن محمد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم ويحيى بن أيوب الغافقي أو حميد الطويل وهذا ذكره البخاري معلقا ههنا وفي التفسير أيضا ونص عليه أيضا خلف وصاحب المستخرج
(١٤٦)