عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٧
على الدابة إذا توجهت إلى القبلة عند افتتاحها ثم يترك التوجه وانحرف عن القبلة، أما لو افتتحها إلى غير القبلة لا تجوز، وعند العامة: تجوز كيف ما كان، وصرح في (الإيضاح): أن القائل به الشافعي. وقال ابن بطال: استحب ابن حنبل وأبو ثوران يفتتحها متوجها إلى القبلة، ثم لا يبالي حيث توجهت. وقالت الشافعية: المنفرد في الركوب على الدابة إن كانت سهلة يلزمه أن يدير رأسها عند الإحرام إلى القبلة في أصح الوجهين، وهو رواية ابن المبارك، ذكرها في (جوامع الفقه). وفي الوجه الثاني: لا يلزمه، وفي القطار والدابة الصعبة لا يلزمه، وفي العمادية وفي المحمل الواسع يلزمه التوجه كالسفينة، وقيل: في الدابة يلزمه في السلام أيضا، والأصح أن الماشي يتم ركوعه وسجوده ويستقبل فيهما وفي إحرامه ولا يمشي إلا في قيامه، ومذهب أصحابنا قول الجمهور، وهو قول علي وابن الزبير وأبي ذر وأنس وابن عمر، وبه قال طاوس وعطاء والأوزاعي والثوري ومالك والليث، ولا يشترط أن يكون السفر طويلا عند الجمهور، بل لكل من كان خارج المصر فله الصلاة على الدابة. واشترط مالك مسافة القصر، ويحكى هذا أيضا عن بعض الشافعية، ومذهب ابن عمر منع التنفل في السفر بالنهار جملة. وجوازه ليلا على الأرض والراحلة، حكاه ابن المنذر في (حواشيه). وأما التنفل على الدابة في الحضر فلا يجوز عند أبي حنيفة ومحمد والإصطخري من الشافعية، ويجوز عند أبي يوسف. وعن محمد: يجوز ولكن يكره، والأحاديث الدالة على جواز التنفل على الدابة وردت في السفر، ففي رواية جابر: كانت في غزوة أنمار، وهي غزوة ذات الرقاع، وفي رواية: (أرسلني رسول الله وهو منطلق إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعيره). وفي رواية ابن عمر: (بطريق مكة)، وفي رواية: (متوجه إلى المدينة). وفي رواية: (متوجه إلى خيبر)، والحاصل أنها كانت مرات كلها في السفر. فإن قلت: روي عن أبي يوسف في جوازه في المدينة أيضا، فقال: حدثني فلان، ورفع الإسناد: (أن رسول الله ركب الحمار في المدينة يعود سعد بن عبادة وكان يصلي). قلت: هذا شاذ، وهو فيما تعم به البلوى لا يكون حجة، ولكن لقائل أن يقول: لأبي يوسف على ما ذهب إليه أن يحتج بما رواه أنس: (أنه صلى على حمار في أزقة المدينة يومي إيماء)، ذكره ابن بطال.
10456 ح دثنا عثمان قال حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله صلى النبي قال إبراهيم لا أدري زاد أو نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء قال (وما ذاك) قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم فلما أقبل علينا بوجهه قال لإنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين). (الحديث 104 أطرافه في: 404، 6221، 1766، 9427).
مطابقة هذا الحديث للترجمة في قوله: (فثنى رجليه واستقبل القبلة) لأنه استقبلها بعد أن سلم سلام الخروج من الصلاة.
ذكر رجاله وهم ستة. الأول: عثمان بن أبي شيبة. الثاني: جرير بن عبد الحميد. الثالث: منصور بن المعتمر. الرابع: إبراهيم بن يزيد النخعي. الخامس: علقمة بن قيس النخعي. السادس: عبد ا بن مسعود، رضي ا عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول. وفيه: أن رواته كلهم كوفيون وأئمة إجلاء وإسناده من أصح الأسانيد.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في النذور عن إسحاق. وأخرجه مسلم عن عثمان بن أبي شيبة، وأبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن يحيى وأبي كريب ومحمد بن حاتم وعبد ا بن عبد الرحمن الدارمي ومحمد بن المثنى ويحيى بن يحيى. وأخرجه أبو داود فيه عن عثمان به. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد ا المخزومي وعن الحسن بن إسماعيل وعن سويد بن نصر وعن محمد بن رافع. وأخرجه ابن ماجة فيه عن بندار وعن علي بن محمد عن وكيع به.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»