بالامتشاط حقيقته، بل تسريح الشعر بالأصابع للغسل لإحرامها بالحج، لا سيما إن كانت لبدت رأسها فلا يصح غسلها إلا بإيصال الماء إلى جميع شعرها، ويلزم منه نقضه، فإن قلت: إذا كانت قارنة فلم امرها بالعمرة بعد الفراغ من الحج (قلت) معناه أرادت أن يكون لها عمرة منفردة عن الحج كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذي فسخوا الحج إلى العمرة، وأتموا العمرة ثم أحرموا بالحج، فحصل لهم عمرة منفردة وحج منفرد فلم يحصل لها إلا عمرة مندرجة في حجة القرآن فاعتمرت بعد ذلك مكان عمرتها التي كانت أرادت أولا حصولها منفردة غير مندرجة، ومنعها الحيض عنه، وإنما فعلت كذلك حرصا على كثرة العبادات انتهى. قلت: المشهور الثابت أن عائشة كانت منفردة بالحج وأنه عليه الصلاة والسلام أمرها برفض العمرة، وقولها في الحديث وأرجع بحجة واحدة، دليل واضح على ذلك، وقولها: ترجع صواحبي بحج وعمرة، وأرجع أنا بالحج، صريح في رفض العمرة، إذ لو دخل الحج على العمرة لكانت هي وغيرها سواء، ولما احتاجت إلى عمرة أخرى بعد العمرة والحج الذي فعلتهما وقوله صلى الله عليه وسلم عند عمرتها الأخيرة: (هذه مكان عمرتك) صريح في أنها خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها إذ لا تكون الثانية مكان الأولى، والأولى منفردة وفي بعض الروايات هذه قضاء من عمرتك. فإن قلت: قال البيهقي في (المعرفة) يعني قوله: ودعي العمرة أمسكي عن أفعالها، وأدخلي عليها الحج قلت: هذا خلاف حقيقة قوله: دعي العمرة: بل حقيقته أنه أمرها برفض العمرة بالحج، وقولها: انقضي رأسك وامتشطي، يدل على ذلك، ويدفع تأويل البيهقي بالإمساك عن أفعال العمرة، إذا المحرم ليس له أن يعفل ذلك. فإن قلت: قال الشافعي: لا يعرف في الشرع رفض العمرة بالحيض. قلت: قال القدوري في (التجريد) ما رفضتها بالحيض، لكن تعذرت أفعالها، وكانت ترفضها بالوقوف، فأمرهم بتعجيل الرفض.
16 ((باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض)) أي: هذا باب في بيان نقض المرأة شعر رأسها، عند غسل المحيض أي: الحيض، وجوابه مقدر أي: هل يجب أم لا؟ وظاهر الحديث الوجوب، وقد ذكرنا الاختلاف في الباب السابق.
والمناسبة بين البابين ظاهرة لأن النقض والامتشاط من جنس واحد وحكم واحد.
317 حدثنا عبيد بن إسماعيل قال حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا موافين لهلال ذي الحجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يهل بعمرة فليهلل فإنى لولا أني أهديت لاهللت بعمرة فأهل بعضهم بعمرة وأهل بعضهم بخحج وكنت أنا ممن أهل بعمرة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلى بحج ففعلت حتى كان ليلة الخصبة أرسل معي أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فخرجت إلى التنعيم فأهللت بعمرة مكان عمرتي قال هشام ولم يكن في شيء من ذلك هدى ولا صوم ولا صدقة.
مطابقة للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم خمسة: عبيد بن إسماعيل بن محمد الهباري، بفتح الهاء وتشديد الباء الموحدة وبالراء المهملة. الكوفي، ويقال اسمه عبيد الله مات سنة خمسين ومائتين. الثاني: أبو أسامة حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، مر في باب فضل من علم. الثالث: هشام بن عروة. الرابع: أبوه عروة بن الزبير بن العوام. الخامس: عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته ما بين كوفي ومدني.
ذكر بقية الكلام قولها: (موافين لهلال ذي الحجة) أي: مكملين ذي القعدة مستقبلين لهلاله، وقال النووي: أي مقارنين لاستهلاله، وكان خروجهم قبله لخمس بقين من ذي القعدة، ويقال موافين أي: مشرفين يقال: أوفى على كذا أي: