عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٩٧
عشرة أرطال) وابن أبي عمران هو: أحمد بن موسى بن عيسى الفقيه البغدادي نزيل مصر، وثقة ابن يونس. ومحمد بن شجاع البغدادي أبو عبد الله الثلجي، بالتاء المثلثة، فلأجل التكلم فيه ذكر معه شيخين آخرين. أحدهما: سليمان بن بكار أبو الربيع المصري. والآخر: أحمد بن منصور الزيادة، شيخ ابن ماجة، وأبو عوانة الأسفراثني قال الدارقطني ثقة، ويعلى بن عبيد الإبادي روى له الجماعة، وموسى بن عبد الله الجهني الكوفي روى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة، والحديث أخرجه النسائي أيضا، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن موسى الجهني قال: (أتى مجاهد بقدح فقال: حرزته ثمانية أرطال، فقال حدثنتي عائشة، رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا) ثم قال المتمسكون به مجاهد لم يشك في ثمانية، وإنما شك فيما فوقها، فثبت الثمانية بهذا الحديث وانتفى ما فوقها. قلت: الدليل على عدم شك مجاهد في الثمانية رواية النسائي، ثم قول هذا القائل: والصحيح الأول، غير صحيح لأن الأول فيه ذكر الفرق، وهو كما ترى فيه أقوال، فكيف يقول الحرز لا يعارض به التحديد؟ ففي أي موضع التحدي المعين وأما حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، فالمذكور فيه الفرق، الذي كان يغتسل منه النبي، عليه الصلاة والسلام، ولم يذكر مقدار الماء الذي كان يكون فيه، هل هو ملؤه أو أقل من ذلك.
251 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثني شعبة قال حدثني أبو بكر بن حفص قال أبا سلمة يقول دخلت أنا وأخو عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينا حجاب.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله: وهم سبعة: الأول: عبد الله بن محمد الجعفي المسندي، بضم الميم، تقدم في باب الإيمان. الثاني: عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري، مر في كتاب التعلم في باب من أعاد الحديث ثلاثا الثالث: شعبة بن الحجاح، تكرر ذكره. الرابع: أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، وهومشهور وبالكنية، وقيل: اسمه عبد الله. الخامس: أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف مر في باب الوحي، وهو ابن أخت عائشة من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، فعائشة حالته. السادس: أخو عائشة من الرضاعة، كما جاء مصرحا به في (صحيح مسلم) واسمه فيما قيل: عبد الله بن يزيد، قاله النووي: وقال مسلم في (الطبقات) عبد الله بن يزيد رضيع عائشة. وقال الداودي في شرحه: إنه أخوها عبد الرحمن. قيل: إنه وهم منه، وقيل: هو أخوها لأمها، وهو الطفيل بن عبد الله. قيل: هو غير صحيح، والدليل على فساد هذين القولين ما رواه مسلم من طريق معاذ والنسائي من طريف خالد بن الحارث، وأبو عوانة من طريق يزيد ابن هارون، كلهم عن شعبة في هذا الحديث أنه أخوها من الرضاعة، ثم الذي ادعى أنه عبد الله بن يزيد استدل بما رواه مسلم في الجنائز عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد، رضيع عائشة، فذكر حديثا غير هذا. قلت: لا يلزم من هذا أن يكون هو عبد الله بن يزيد، لأن لها أخا آخر من الرضاعة، وهو كثير بن عبيد، رضيع عائشة، رضي الله تعالى عنها، روى عنها أيضا، والظاهر أنه لم يتعين، والأقرب أنه عبد الرحمن ولا يلزم من رواية مسلم وغيره أن يتعين عبد الله بن زيزيد، لأن الذي سألها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتعين أن يكون هو الذي روى عنه أبو قلابة في الجنائز. السابع: عائشة الصديقة بنت الصديق، رضي الله تعالى عنهما.
بيان لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في أربعة مواضع. وفيه: السماع والسؤال. وفيه: راويات كلاهما بالكنية مشهوران ومشاركان في الاسم على قول من يقول أن اسم أبي بكر: عبد الله. وكلاهما زهريان ومدنيان.
بيان المعنى واستنباط الأحكام قوله: (يقول) جملة في محل النصب على الحال، هذا هو الصحيح إن: سمعت، لا يتعدى إلى مفعول واحد، وعلى قول من يقول: يتعدى إلى مفعولين، منهم الفارسي، تكون الجملة في محل النصب على أنها مفعول ثان قوله: (وأخو عائشة) عطف على الضمير المرفوع المتصل بعد التوكيد بضمير منفصل، وهو قوله: (أنا) وهذه القاعدة
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»