عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
عليه الماء ثم نحى رجليه فغسلهما هذه غسله من الجنابة.
.
هذا الثاني من حديثي الترجمة.
ذكر رجاله وهم سبعة: محمد بن يوسف اليكندي، وسفيان الثوري، وسليمان الأعمش ابن مهران، تقدموا مرارا، وسالم بن أبي الجعد، بفتح الجيم وسكون العين المهملة. مر في باب التسمية. والخامس: كريب، بضم الكاف، تقدم في باب التخفيف في الوضوء. والسادس: عبد الله بن عباس. والسابع: ميمونه بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وخالة ابن عباس.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في خمسة مواضع: وفيه: سفيان غير منسوب، قالت جماعة من الشراح وغيرهم: إنه سفيان الثوري، وقال الكرماني: سفيان بن عيينة. وقال الحافظ المزي في كتابه (الأطراف) حديث في غسل النبي، عليه الصلاة والسلام، من الجنابة منهم من طوله، ومنهم من اختسره، ثم وضع صورة (خ) بالأحمر بمعنى: أخرجه البخاري في الطهارة عن محمد بن يوسف، وعن عبدان عن عبد الله بن المبارك، كلاهما عن سفيان الثوري وعن الحميدي عن سفيان بن عيينة، فهذا دل على أن سفيان في رواية محمد بن يوسف الذي هاهنا هو الثوري، وأما ابن عيينة فروايته عن عبدان عن ابن المبارك، ولم يميز الكرماني ذلك فخلط. وأخرج البخاري هذا الحديث أيضا عن موسى ابن إسماعيل ومحمد بن محبوب، كلاهما عن عبد الواحد، وعن موسى عن أبي عوانة، وعن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه، وعن يوسف بن عيسى عن الفضل بن موسى، وعن عبدان عن أبي حمزة، سبعتهم عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس به، ومن لطائف هذا الإسناد أن فيه: رواية التابعي عن التابعي على التابعي عن الولاء وفيه: صحابيان.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره قد مر الآن أن البخاري أخرجه في مواضع عشرة أو نحوها. وأخرجه مسلم في الطهارة أيضا عن محمد بن الصباح وإسحاق بن إبراهيم وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وأبي سعيد الأشج، خمستهم عن وكيع، وعن يحيى بن يحيى وأبي كريب كلاهما عن أبي معاوية، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، وعن علي بن حجر، وعن عيسى بن يونس، وعن إسحاق بن إبراهيم عن موسى القارئ عن زائدة، خمستهم عن الأعمش به وأخرجه أبو داود عن عبد الله بن داود عن الأعمش به، وأخرجه الترمذي عن هناد عن وكيع به وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر به، وعن يوسف بن عيسى به، وعن محمد بن العلاء عن أبي معاوية به، وعن محمد بن علي بن ميمون عن محمد بن يوسف به، وعن إسحاق بن إبراهيم عن جرير، وعن قتيبة عن عبيدة بن حميد، كلاهما عن الأعمش به، وأخرجه ابن ماجة عن علي بن محمد وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن وكيع بقصة، نفض الماء وترك التنشيف.
ذكر بيان ما فيه لم يذكر في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، قوله: (غير رجليه) فيه التصريح بتأخير الرجلين في وضوء الغسل، وبه احتج أصحابنا، على أن المغتسل إذا توضأ أو لا يؤخر رجليه، ولكن أكثر أصحابنا حملوه على أنهما إن كانت في مجتمع الماء توضأ ويؤخرهما وإن لم تكونا فيه لا يؤخرهما، وكل ما جاء من الروايات التي فيها تأخير الرجلين صريحا محمول على ما قلنا: وهذا هو التوفيق بين الروايات التي في بعضها تأخير الرجلين صريحا لا مثل ما قاله بعضهم، ويمكن الجمع بأن تحمل رواية عائشة على المجاز وأما على حالة أخرى. قلت: هذا خطأ لأن المجاز إليه إلا عند الضرورة وما الداعي لها في رواية عائشة حتى يحمل كلامها على المجاز؟ وما الصواب الذي يرجع إليه إلا ما قلنا: وقال الكرماني: غير رجليه. فإن قلت: بالتوفيق بينه وبين رواية عائشة؟ قلت: زيادة الثقة مقبول فيحمل المطلق على المقيد، فرواية عائشة محمولة على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره، وهو ما سوى الرجلين. قلت: قد ذكرنا الآن ما يرد ما ذكره، ثم قال الكرماني: ويحتمل أن يقال: إنهما كانا في وقتين مختلفين فلا منافاة بينهما. قلت: هذا في الحقيقة حاصل ما ذكرنا عن قريب عند قولنا: لكن أكثر أصحابنا إلخ. قوله: (وغسل فرجه) أي: ذكره فدل هذا على صحة إطلاق الفرج على الذكر. قال الكرماني: فإن قلت: غسل الفرج مقدم على التوضىء فلم آخره؟ قلت: لا يجب التقديم إذ الواو، ليس للترتيب، أو أنه للحال انتهى. قلت: كيف يقول: لا يجب التقديم وهذا ليس بشيء، وقوله إذ الواو وليس للترتيب، حجة عليه لأنهم يدعون أن الواو في الأصل للترتيب، ولم يقل به أحد ممن يعتمد عليه؟ وقوله: أو أنه للحال، غير سديد ولا موجه، ونه كيف يتوضأ في حالة غسل فرجه؟ وقال بعضهم: فيه تقديم وتأخير، لأن غسل الفرج كان قبل الوضوء إذ الواو لا تقتضي الترتيب انتهى. قلت:
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»