التي تركب، قاله في (العباب). وقال الكرماني: الدابة لغة: الماشية على الأرض، وعرفا الخيل والبغل والحمار، وقال بعضهم: وبعض أهل العرف خصها بالحمار. قلت: ليس كما قالا، وإنما الدابة في العرف اسم لذات الأربع من الحيوان، ولكن مراد البخاري ما قاله الصغاني، وهي: الدابة التي تركب. وأشار بهذا إلى جواز سؤال العالم، وإن كان مشتغلا راكبا وماشيا وواقفا وعلى كل أحواله، ولو كان في طاعة. وقال بعض الشارحين: وليس في الحديث الذي أخرجه في الباب لفظ الدابة ليطابق ما بوب عليه. وأجاب بعضهم: بأنه أحال به على الطريق الأخرى التي أوردها في الحج، فقال: كان على ناقته. قلت: بعد هذا الجواب كبعد الثرى من الثريا، وكيف يعقد باب بترجمة، ثم يحال ما يطابق ذلك على حديث يأتي في باب آخر؟ ويمكن أن يجاب: بأن بين قوله: وغيرها، أي: وغير الدابة، وبين حديث الباب مطابقة، لأن ما فيه وهو قوله: (وقف في حجة الوداع بمنى للناس)، أعم من أن يكون وقوفه على الأرض أو على الدابة، ويكون ذكر لفظ الدابة إشارة إلى أنه في حديث الباب طريق أخرى فيها ذكر الدابة، وهي قوله: كان على ناقته. الثالث: وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول هو فضل العلم، والمذكور في هذا الباب هو الفتيا، وهو أيضا من العلم.
83 حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح! فقال: (ادبح ولا حرج) فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي! قال: (ارم ولا حرج) فما سئل النبي الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج).
.
مطابقة الحديث للترجمة من حيث إن المذكور في الحديث هو الاستفتاء والإفتاء، والترجمة هي الفتيا.
بيان رجاله: وهم خمسة. الأول: إسماعيل بن أبي أويس، ابن أخت مالك. الثاني: مالك بن أنس الإمام. الثالث: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. الرابع: عيسى بن طلحة ابن عبيد الله القرشي التيمي تابعي، ثقة من أفاضل أهل المدينة وعقلائهم، أخو موسى ومحمد، مات سنة مائة، روى له الجماعة. الخامس: عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما.
بيان لطائف أسناده: منها: أن فيه التحديث بصيغة الجمع وصيغة الإفراد والعنعنة. ومنها: أن رواته كلهم مدنيون. ومنها: أن فيه رواية تابعي عن تابعي.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري هنا عن إسماعيل عن مالك، وفي العلم أيضا عن أبي نعيم عن عبد العزيز بن أبي سلمة، وفي الحج عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وعن إسحاق عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح، وعن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي عن أبيه عن ابن جريج، وفي النذور:
وحدثني عثمان بن الهيثم عن ابن جريج، أربعتهم عن الزهري عنه به. وأخرجه مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى عن مالك به، وعن الحسن بن علي الحلواني عن يعقوب بن إبراهيم به، وعن سعيد ابن يحيى عن أبيه، وعن علي بن خشرم عن عيسى بن يونس، وعن عبد بن حميد عن محمد بن بكر، ثلاثتهم عن ابن جريج به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن سفيان بن عيينة، وعن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن يونس، وعن ابن عمرو عبد بن حميد كلاهما عن عبد الرازق عن معمر، وعن محمد بن عبد الله بن قهزاد عن علي بن الحسن عن ابن شقيق عن ابن المبارك عن محمد بن أبي حفصة، أربعتهم عن الزهري به. وأخرجه أبو داود في الحج عن القعنبي عن مالك به، وأخرجه الترمذي فيه أيضا عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وابن أبي عمر كلاهما عن سفيان به، وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي فيه أيضا عن قتيبة عن سفيان به، وعن يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن غندر عن معمر به، وعن عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد عن مالك به، وعن أحمد بن عمرو بن السرح عن ابن وهب عن مالك ويونس به، وأخرجه ابن ماجة فيه أيضا عن علي بن محمد عن سفيان به مختصرا: أن النبي صلى الله عليه وسلم (سئل عمن ذبح قبل أن يحلق أو حلق قبل أن يذبح؟ قال: لا حرج).