عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٩٥
مفعول مطلق التزم إضمار فعله، والتقدير: يسبح الله سبحان أي تسبيحا، معناه: أنزهه من النقائص وسمات المخلوقين. فإن قلت: إذا كان علما كيف أضيف؟ قلت: ينكر عند إرادة الإضافة. وقال ابن الحاجب: كونه علما إنما هو في غير حالة الإضافة. قوله: (آية) بهمزة الاستفهام وحذفها، خبر مبتدأ محذوف، أي: هي آية. أي: علامة لعذاب الناس. قوله: (فأشارت) عطف على: قلت. قوله: (أي نعم) تفسير لقوله: أشارت. قوله: (حتى علاني) حتى، ههنا للغاية بمعنى: إلى أن علاني. وعلاني، فعل ومفعول، و: الغشي، بالرفع فاعله. قوله: (فجعلت) من الأفعال الناقصة، والتاء اسمه، وقوله: (أصب على رأسي الماء) جملة من الفعل والفاعل وهو أنا المستتر في أصب، والمفعول وهو قوله: الماء، ومحله النصب، لأنها خبر: جعلت. قوله: (فحمد) فعل ولفظة: (الله)، مفعوله، (والنبي) فاعله. قوله: (وأثنى عليه) عطف على: حمد. قوله: (ثم قال) عطف على: حمد. قوله: (ما من شيء) كلمة: ما، للنفي، وكلمة: من، زائدة لتأكيد النفي و: شيء، اسم ما. وقوله: (لم أكن أريته) في محل الرفع لأنه صفة لشيء، وهو مرفوع في الأصل وإن كان جر بمن الزائدة، واسم: أكن، مستتر فيه، و: أريته، بضم الهمزة جملة في محل النصب على أنها خبر: لم أكن. وقوله: (إلا رأيته) استثناء مفرغ، وقالت النحاة: كل استثناء مفرغ متصل ومعناه أن ما قبلها مفرغ لما بعدها إذ الاستثناء من كلام غير تام فيلغى فيه إلا من حيث العمل لا من حيث المعنى نحو: ما جاءني إلا زيد، وما رأيت إلا زيدا، أو ما مررت إلا بزيد. فالفعل الواقع ههنا قبل: إلا، مفرغ لما بعدها، و: إلا، ههنا بمنزلة سائر الحروف التي تغير المعنى دون الألفاظ، نحو: هل وغيره، ولا يجوز هذا إلا في المنفي. فافهم. وقال الكرماني: و: رأيته، في موضع الحال وتقديره: ما من شيء لم يكن أريته كائنا في حال من الأحوال إلا في حال رؤيتي إياه. قلت: لا يصح هذا الكلام، لأن ذا الحال إن كان لفظه: شيء، وهو في الحقيقة مبتدأ يبقى بلا خبر، وإن كان هو الضمير الذي في: لم أكن، فلا يصح لذلك، بل محل رأيته في نفس الأمر رفع على الخبرية، لأن التقدير: إذا أزيل: ما و إلا، يكون هكذا: وشئ لم أكن أريته رأيته في مقامي هذا، و: شيء، وإن كان نكرة ولكنه تخصص بالصفة. قوله: (في مقامي) حال تقديره: حال كوني في مقامي هذا. فإن قلت: هذا، ما موقعه من الإعراب؟ قلت: خبر مبتدأ محذوف تقديره: في مقامي هو هذا. ويؤول بالمشار إليه. وقال الكرماني: لفظ المقام يحتمل المصدر والزمان والمكان. قلت: نعم يحتمل في غير هذا الموضع، ولكنه ههنا بمعنى المكان. قوله: (حتى الجنة والنار) يجوز فيهما الرفع والنصب والجر: أما الرفع فعلى أن تكون: حتى، ابتدائية و: الجنة، تكون مرفوعا على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره: حتى الجنة مرئية، و: النار، عطف عليه. كما في قوله: أكلت السمكة حتى رأسها، برفع الرأس أي: رأسها ماكول، وهو أحد الأوجه الثلاثة فيه. وأما النصب فعلى أن تكون: حتى، عاطفة عطف الجنة في الضمير المنصوب في رأيته، وأما الجر فعلى أن تكون: حتى، جارة. قوله: (فأوحي إلي) على صيغة المجهول. قوله: (أنكم) بفتح الهمزة، لأنه مفعول أوحي، قد ناب عن الفاعل. قوله: (تفتنون) جملة في محل الرفع على أنها خبر: أن. قوله: (مثل أو قريبا) كذا روي في رواية بترك التنوين في: مثل، وبالتنوين في: قريبا. وروي في رواية أخرى: (مثل أو قريب) بغير تنوين فيهما، وروي في رواية أخرى: (مثلا أو قريبا)، بالتنوين فيهما. قال القاضي: رويناه عن بعضهم، وكذا روي: من فتنة المسيح بلفظة: من، قبل: فتنة المسيح. روي أيضا بدون: من. أما وجه الرواية الأولى: فهو ما قاله ابن مالك إن أصله: مثل فتنة الدجال أو قريبا من فتنة الدجال، فحذف ما كان: مثل، مضافا إليه، وترك على هيئته قبل الحذف، وجاز الحذف لدلالة ما بعده. قال: والمعتاد في صحة هذا الحذف أن يكون مع إضافتين، كقول الشاعر:
* أمام وخلف المرء من لطف ربه * كوال تروى عنه ما هو يحذر * وجاء أيضا في إضافة واحدة، كما هو في الحديث:
* مه عاذلي فهائما لن أبرحا * كمثل أو أحسن من شمس الضحى * وأما وجه الرواية الثانية: فهو أن يكون: مثل أو قريب، كلاهما مضافان إلى: فتنة المسيح، ويكون قوله: (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) معترضة بين المضافين والمضاف إليه، مؤكدة لمعنى الشك المستفاد من كلمة: أو، ومثل هذه لا تسمى أجنبية حتى يقال: كيف يجوز الفصل بين المضافين وبين ما أضيفا إليه؟ لأن المؤكدة للشيء لا تكون أجنبية منه، فجاز كما في قوله:
* يا تيم تيم عدي * وقال الكرماني: فإن قلت: هل يصح أن يكون لشيء واحد مضافان؟ قلت: ليس ههنا مضافان، بل مضاف واحد، وهو أحدهما، لا على التعيين، ولئن سلمنا فتقديره: مثل المسيح أو قريب فتنة المسيح، فحذف أحد اللفظين منهما
(٩٥)
مفاتيح البحث: الجواز (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»