استعماله حتى تجوز به عن ذلك وأما الخلا بالقصر فهو الحشيش الرطب والكلأ الخشن أيضا وقد يكون خلا مستعملا في باب الاستنجاء فإن كسرت الخاء مع المد فهو عيب في الإبل كالحران في الخيل وقال الجوهري الخلاء ممدود المتوضىء والخلاء أيضا المكان الذي لا شيء به قلت كل منهما يصح أن يكون مرادا ههنا. ووجه المناسبة بين البابين ظاهر لأن في كل منهما بيان ذكر اسم الله تعالى 8 - (حدثنا آدم قال حدثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنسا يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
(بيان رجاله) وهم أربعة تقدم ذكرهم وآدم ابن أبي إياس وصهيب بضم الصاد المهملة.
(بيان لطائف إسناده) منها أن فيه التحديث والعنعنة والسماع * ومنها أنه من رباعيات البخاري * ومنها أن رواته ما بين بغدادي وواسطي وبصري.
(بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الدعوات عن محمد بن عروة عن شعبة وأخرجه مسلم في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد العزيز به وأخرجه أبو داود أيضا في الطهارة عن الحسن بن عمرو عن وكيع عن شعبة وأخرجه الترمذي فيه أيضا عن قتيبة وهناد كلاهما عن وكيع به وأخرجه النسائي في الطهارة وفي البعوث عن إسحاق بن إبراهيم عن إسماعيل بن إبراهيم عنه به وأخرجه ابن ماجة عن عمرو بن رافع عن إسماعيل عنه به (بيان اللغات) قوله أعوذ بك أي ألوذ وألتجىء من العوذ وهو عود إليه يلجأ الحشيش في مهب الريح وقال ابن الأثير يقال عذت به عوذا وعياذا ومعاذا أي لجأت إليه والمعاذ المصدر والمكان والزمان أي لقد لجأت إلى ملجأ ولذت بملاذ قوله من الخبث قال الخطابي بضم الخاء والباء جماعة الخبيث والخبائث جمع الخبيثة يريد ذكران الشياطين وإناثهم. وعامة أصحاب الحديث يقولون الخبث مسكنة الباء وهو غلط والصواب مضمومة الباء قال وقال ذلك لأن الشياطين يحضرون الأخلية وهي مواضع يهجر فيها ذكر الله تعالى فقدم لها الاستعاذة احترازا منهم انتهى وفيه نظر لأن أبا عبيد القاسم بن سلام حكى تسكين الباء وكذا الفارابي في ديوان الأدب والفارسي في مجمع الغرائب ولأن فعلا بضمتين قد يسكن عينه قياسا ككتب وكتب فلعل من سكنها سلك هذا المسلك وقال التوربشتي هذا مستفيض لا يسع أحدا مخالفته إلا أن يزعم إن ترك التخفيف فيه أولى لئلا يشتبه بالخبث الذي هو المصدر. وفي شرح السنة الخبث بضم الباء وبعضهم يروي بالسكون وقال الخبث الكفر والخبائث الشياطين وقال ابن بطال الخبث بالضم يعم الشر والخبائث الشياطين وبالسكون مصدر خبث الشيء يخبث خبثا وقد يجعل اسما وزعم ابن الأعرابي أن أصل الخبث في كلام العرب المكروه فإن كان من الكلام فهو الشتم وإن كان من الملل فهو الكفر وإن كان من الطعام فهو الحرام وإن كان من الشراب فهو الضار وقال ابن الأنباري وصاحب المنتهى الخبث الكفر ويقال الشيطان والخبائث المعاصي جمع خبيثة ويقال الخبث خلاف طيب الفعل من فجور وغيره والخبائث الأفعال المذمومة والخصال الرديئة (بيان الإعراب) قوله يقول جملة في محل النصب على الحال قوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول جملة وقعت مقول القول وقوله يقول جملة في محل النصب على أنها خبر كان وكلمة إذا ظرف بمعنى حين والخلاء منصوب بتقدير في لأن تقديره إذا دخل في الخلاء وهذا من قبيل قولهم دخلت الدار وكان حقه أن يقال دخلت في الدار إلا أنهم حذفوا حرف الجر اتساعا وأوصلوا الفعل إليه ونصبوه نصب المفعول به فمن هذا قول بعض الشارحين وانتصب الخلاء على أنه مفعول به لا على الظرفية غير صحيح اللهم إلا أن يذهب إلى ما قاله الجرمي من أنه فعل متعد نصب الدار نحو بنيت الدار ولكن يدفعه قوله بأن مصدره يجيء على فعول وهو من مصادر الأفعال اللازمة نحو قعد قعودا وجلس جلوسا ولأن مقابله لازم نحو خرج قلت التعليل الثاني غير مطرد لأن ذهب لازم وما يقابله جاء وهو متعد كقوله تعالى * (أو جاؤكم حصرت صدورهم) * قوله اللهم أصله يا الله وقد ذكرناه قوله أعوذ بك جملة في محل الرفع لأنها خبر أن وقوله من الخبث يتعلق بأعوذ *