عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
للعطف كأن قائلا قال ثم ماذا قال فقال قال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قوله يقول جملة وقعت حالا من النبي قوله إن أمتي الخ مقول القول وقوله أمتي كلام إضافي اسم إن وقوله يدعون على صيغة المجهول في محل الرفع على أنه خبر إن قوله يوم القيامة نصب على الظرف قوله غرا في انتصابه وجهان * أحدهما أن يكون حالا من الضمير الذي في يدعون والمعنى يدعون يوم القيامة وهم بهذه الصفة ويدعون يتعدى في المعنى بالحرف والتقدير يدعون إلى يوم القيامة كما في قوله تعالى * (يدعون إلى كتاب الله) * * والوجه الآخر أن يكون مفعولا ثانيا ليدعون على تضمنه معنى يسمون بهذا الاسم كما يقال فلان يدعى زيدا * وأصل يدعون يدعوون بواوين تحركت الأولى وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فاجتمع ساكنان الألف والواو بعدها فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فصار يدعون قوله محجلين يحتمل الوجهين المذكورين قوله من آثار الوضوء كلمة من تصلح أن تكون للتعليل أي لأجل آثار الوضوء قوله فمن كلمة من موصولة تتضمن معنى الشرط في محل الرفع على الابتداء وخبره قوله فليفعل ودخلت الفاء فيه لتضمن المبتدأ معنى الشرط قوله استطاع جملة صلة الموصول قوله أن يطيل في محل النصب بقوله استطاع وأن مصدرية والتقدير فمن استطاع منكم إطالة غرته فليفعل ومفعول فليفعل محذوف للعلم به أي فليفعل الغرة أو الإطالة (بيان المعاني) قوله المسجد الألف واللام فيه للعهد أي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قوله يقول بصورة المضارع لأجل الاستحضار لصورة الماضية أو لأجل الحكاية عنها وإلا فالأصل أن يقال قال بلفظ الماضي قوله إن أمتي الأمة في اللفظ واحد وفي المعنى جمع وهي في اللغة الجماعة وكل جنس من الحيوان أمة وفي الحديث لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها وتستعمل في اللغة لمعان كثيرة الطريقة والدين يقال فلان لا أمة له أي لا دين له ولا تحلة له والحين قال تعالى * (وادكر بعد أمة) * أي بعد حين والملك والرجل الجامع للخير والرجل المنفرد بدينه لا يشركه فيه أحد والأمة اتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأمة محمد صلى الله عليه وسلم تطلق على معنيين أمة الدعوة وهي من بعث إليهم وأمة الإجابة وهي من صدقه وآمن به وهذه هي المرادة منها قوله يدعون أما من الدعاء بمعنى النداء أي يدعون إلى موقف الحساب أو إلى الميزان أو إلى غير ذلك وأما من الدعاء بمعنى التسمية نحو دعوت ابني زيدا أي سميته به قوله يوم القيامة يوم من الأسماء الشاذة لوقوع الفاء والعين فيه حرفي علة فهو من باب ويح وويل وهو اسم لبياض النهار وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس والقيامة فعالة من قام يقوم وأصلها قوامة قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها قوله من آثار الوضوء الآثار جمع أثر وأثر الشيء هو بقيته ومنه أثر الجرح والوضوء بضم الواو ويجوز فتحها أيضا فإن الغرة والتحجيل نشآ عن الغسل بالماء فيجوز أن ينسب إلى كل منهما قوله فمن استطاع أي قدر أن يطيل غرته أي يغسل غرته بأن يوصل الماء من فوق الغرة إلى تحت الحنك طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا وفيه باب الاختصار حيث حذف المفعول في قوله فليفعل لأنا قلنا أن التقدير فليفعل الغرة أو الإطالة وفيه أيضا الاحتراز عن التكرار والإشعار بأن أصل هذا الفعل مهتم به وفيه باب الاكتفاء حيث اقتصر على ذكر الغرة ولم يذكر التحجيل وذلك للعلم به كما في قوله تعالى * (سرابيل تقيكم الحر) * والمراد الحر والبرد ولم يذكر البرد للعلم به والدليل على أن المراد كلاهما ما جاء في رواية مسلم بذكر كليهما مصرحا من طريق عمارة بن غزية وهو قوله فليطل غرته وتحجيله وإنما اقتصر على ذكر الغرة وهي مؤنثة دون التحجيل وهو مذكر لأن محل الغرة أشرف أعضاء الوضوء وأول ما يقع عليه النظر من الإنسان وقال الشيخ تقي الدين القشيري كان ذلك من باب التغليب بالذكر لأحد الشيئين على الآخر وإن كانا بسبيل واحد للترغيب فيه وقد استعمل الفقهاء ذلك فقالوا يستحب تطويل الغرة ومرادهم الغرة والتحجيل قلت هذا ليس بتغليب حقيقي إذ لم يؤت فيه إلا بأحد الاسمين والتغليب اجتماع الاسمين أو الأسماء ويغلب أحدهما على الآخر نحو القمرين والعمرين ونحوهما ورد عليه بعض الشارحين بأن القاعدة في التغليب أن يغلب المذكر على المؤنث لا بالعكس والأمر هنا بالعكس لتأنيث الغرة وتذكير التحجيل قلت نقل عن ابن بابشاد أنه قال تغليب المؤنث على المذكر وقع في موضعين أحدهما ضبعان للخفة والآخر في باب التاريخ وأن التاريخ عند العرب من الليل لا من النهار فغلبوا الليلة على النهار والثاني مردود لما ذكرنا أن حقيقة التغليب أن
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»