جميعا فيكون عليه أن يمسح ويغسل أو يكون المراد أحدهما على وجه التخيير يفعل المتوضىء أيهما شاء ويكون ما يفعله هو المفروض أو يكون المراد أحدهما بعينه لا على التخيير فلا سبيل إلى الأول لاتفاق الجميع على خلافه وكذا لا سبيل إلى الثاني إذ ليس في الآية ذكر التخيير ولا دلالة عليه فتعين الوجه الثالث ثم يحتاج بعد ذلك إلى طلب الدليل على المراد منهما فالدليل على أن المراد الغسل دون المسح اتفاق الجميع على أنه إذا غسل فقد أدى فرضه وأتى بالمراد وأنه غير ملوم على ترك المسح فثبت أن المراد الغسل والصحابة أيضا فهو صار في حكم المجمل المفتقر إلى البيان فما ورد فيه من البيان عن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعل أو قول علمنا أنه مراد الله تعالى وقد ورد البيان عنه بالغسل قولا وفعلا أما فعلا فهو ما ثبت بالنقل المستفيض المتواتر أنه صلى الله عليه وسلم غسل رجليه في الوضوء ولم تختلف الأئمة فيه وأما قولا فما رواه جابر وأبو هريرة وعائشة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وخالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وأبو أمامة وأبو بكر الصديق وأنس بن مالك ومحمد بن محمود وله صحبة وبعض الصحابة رضي الله عنهم. أما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحق عن سعيد ابن أبي كريب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول ويل للعراقيب من النار وأخرجه ابن ماجة من طريق ابن أبي شيبة وأخرجه الطحاوي أيضا ولفظه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدم رجل لمعة لم يغسلها فقال ويل للعراقيب من النار. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة قال حدثنا محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه وكان يمر بنا والناس يتوضؤن من المطهرة فقال أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال ويل للأعقاب من النار وأخرجه مسلم أيضا وأخرجه الدارمي أيضا في مسنده ولفظه ويل للعقب وأما حديث عائشة رضي الله عنها فأخرجه مسلم من طريق سالم مولى شداد قال دخلت على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يوم توفي سعد بن أبي وقاص فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه فتوضأ عندها فقالت يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويل للأعقاب من النار وأخرجه الطحاوي أيضا. وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أبو داود حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن سفيان حدثني منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما وأعقابهم تلوح فقال ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء وهذا إسناد صحيح ورجاله ثقات وأبو يحيى اسمه مصدع مولى عبد الله بن عمرو وروى له الجماعة سوى البخاري والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة أيضا ولما ذكر ابن ماجة حديث جابر ويل للعراقيب من النار قال هذا أعجب إلي من حديث عبد الله بن عمرو وحديث عبد الله بن عمر وأخرجه أيضا أبو نعيم الأصبهاني في مستخرجه وابن خزيمة في صحيحه ولفظهما وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء. وأما حديث عبد الله بن الحارث بن جزء فأخرجه أحمد في مسنده حدثنا هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني حيوة بن شريح أخبرني عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وهو من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار وإسناده جيد حسن وأخرجه الطحاوي والطبراني أيضا وصححه الحاكم. وأما حديث خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة فأخرجه ابن أبي خزيمة ولفظه أسبغوا الوضوء وأتموا الركوع والسجود ويل للأعقاب. وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الدارقطني من حديث ليث عن ابن سابط عن أبي أمامة أو عن أخي أبي أمامة رأى قوما يتوضؤن فبقي على أقدامهم قدر الدرهم لم يصبه الماء فقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ويل للأعقاب من النار فكان أحدهم ينظر فإن رأى موضعا لم يصبه الماء أعاد الوضوء ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة وأخيه من غير شك ولا تردد وقال أبو زرعة لما سئل عن هذا الحديث أخو أبي أمامة لا أعرف اسمه * وأما حديث أبي بكر الصديق فأخرجه أبو عوانة في صحيحه من حديث عمر عن أبي بكر الصديق توضأ رجل وبقي على ظهر قدمه مثل ظفر إبهامه فقال له النبي عليه الصلاة والسلام ارجع فأتم وضوءك قال ففعل * وأما حديث أنس فأخرجه أبو عوانة في صحيحه نحو حديث أبي بكر * وأما حديث محمد بن محمود فأخرجه
(٢٣٧)