بيان اللغات والإعراب: قوله: (بت) بكسر الباء الموحدة وتشديد التاء المثناة من فوق من البيتوتة، أصله: بيتت، بفتح الباء والياء فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: باتت، فالتقى ساكنان فحذفت الألف فصار: بتت، فأدغمت التاء في التاء، ثم أبدلت كسرة من فتحة الباء ليدل على الياء المحذوفة، فصار: بت على وزن: قلت. وهذه جملة من الفعل والفاعل وقعت مقول القول. قوله: (ميمونة) عطف بيان من قوله: (خالتي). قوله: (بنت الحارث) مجرور لأنه صفة ميمونة، وهو مجرور، ولكنه غير منصرف للعلمية والتأنيث. قوله: (زوح النبي، عليه الصلاة والسلام) مجرور أيضا لأنه صفة بعد صفة. قوله: (وكان النبي، عليه الصلاة والسلام) الواو فيه للحال. وقوله: (عندها) خبر: كان. قوله: (فصلى النبي، عليه الصلاة والسلام) الفاء، فيه هي الفاء التي تدخل بين المجمل والمفصل، لأن التفصيل إنما هو عقيب الإجمال، لأن صلاة النبي، عليه الصلاة والسلام، ومجيئه إلى منزله كانت قبل كونه عند ميمونة، ولم يكونا بعد الكون عندها. قوله: (العشاء) بالنصب، وفيه حذف المضاف تقديره: صلاة العشاء. قوله: (فصلى أربع ركعات) الفاء فيه للتعقيب، ثم عطف عليه بقوله: (ثم نام) بكلمة: ثم، ليدل على أن نومه لم يكن عقيب الصلاة على الفور. قوله: (أو كلمة) منصوب بفعل محذوف أي: أو قال كلمة، فإن قلت: مقول القول يجب أن يكون كلاما لا كلمة. قلت: قد تطلق الكلمة على الكلام مجازا نحو: كلمة الشهادة. قوله: (فقمت). عطف على قوله: (ثم قام). قوله: (عن يساره) بفتح الياء وكسرها. وقال ابن عربي: ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة. وفي (العباب) قال ابن دريد: اليد اليسار ضد اليمين بفتح الياء وكسرها، قال: وزعموا أن الكسر أفصح. قال: وقال بعض أهل اللغة اليسار بكسر الياء شبهوها بالشمال، إذ ليس في كلامهم كلمة مكسورة الياء إلا: يسار، وقال ابن عباد: اليسار، بالتشديد لغة في اليسار. قوله: (حتى سمعت) حتى ههنا للغاية تقديره: إلى أن سمعت. قوله: (غطيطه) بفتح الغين المعجمة وكسر الطاء على وزن: فعيل، هو صوت يخرجه النائم مع نفسه عند استثقاله. وفي (العباب) غطيط النائم والمخنوق: نخيرهما. قلت: هذا يرد تفسير بعضهم الغطيط: نفس النائم، والنخير: أقوى منه، فإنه جعل النخير غير الغطيط، وصاحب (العباب) جعله عينه:
إذا قالت حذام فصدقوها وأيضا: فإن الغطيط لا بد فيه من الصوت، وما فسره به بعضهم ليس فيه صوت، لأن مجرد النفس لا صوت فيه. قوله: (أو خطيطه) بفتح المعجمة وكسر الطاء، وقال الداودي: هو بمعنى الغطيط. وقال ابن بطال: لم أجده بالخاء المعجمة عند أهل اللغة، وتبعه القاضي عياض، فقال: هو هنا وهم. قلت: الصواب مع الداودي، فإن صاحب (العباب) قال: وخط في نومه خطيطا أي: غط. وفي حديث النبي، عليه الصلاة والسلام: (إنه أوتر بسبع أو تسع ثم اضطجع حتى سمع خطيطه). ويروى: (غطيطه)، ويروى: (فخيخه)، ويروى: (ضفيزه)، ويروى: (صفيره). ومعنى الخمسة واحد وهو: نخير النائم. قلت: الضفيز، بالضاد والزاي المعجمتين وبالفاء والصفير: بالصاد والراء المهملتين، والفخيخ، بالفاء والخاءين المعجمتين.
بيان المعاني: قوله: (في ليلتها) أي: المختصة بها بحسب قسم النبي، عليه الصلاة والسلام بين الأزواج. قوله: (ثم جاء) أي من المسجد إلى منزله في تلك الليلة المراد به: بيت ميمونة بنت الحارث الهلالية، أم المؤمنين، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ست أو سبع من الهجرة، وتوفيت سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ست وستين بسرف، في المكان الذي تزوجها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بفتح السين وكسر الراء المهملتين وبالفاء. وصلى عليها عبد الله بن عباس قيل: إنها آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يتزوج بعدها. وهي أخت لبابة، بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف باء أخرى، بنت الحارث زوجة العباس وأم أولاده عبد الله والفضل وغيرهما، وهي أول امرأة أسلمت بعد خديجة، رضي الله تعالى عنها، وكان النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، يزورها، وهي لبابة الكبرى وأختها لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد، رضي الله عنه. قوله: (نام الغليم) يتحمل الإخبار لميمونة، ويحتمل الاستفهام عن ميمونة، وحذف الهمزة بقرينة المقام، وهذا أظهر. و (الغليم) بضم الغين وفتح اللام وتشديد الياء، تصغير غلام، من باب تصغير الشفقة، نحو: يا بني، وأراد به عبد الله بن عباس، وروي: يا أم الغليم، بالنداء والأول هو الصواب، ولم تثبت بالثاني الرواية. قوله: (أو كلمة) شك من الراوي. وقال الكرماني: شك من ابن عباس. قلت: لا يلزم التعيين لأنه يحتمل أن يكون من أحد ممن دونه، أي أو قال كلمة تشبه قوله: نام الغليم، والثانية باعتبار الكلمة أو باعتبار كونها جملة، وفي رواية: (نام الغلام).
قوله: (فصلى أربع ركعات)، الجملة في هذه الطريق أنه صلى إحدى عشرة ركعة