وقوم تعصبوا لمعاوية ورووا له أشياء، وقوم تعصبوا لأبي حنيفة رضي الله عنه، وقال ابن حبان: وضع الحسن بن علي بن زكريا العدوي الرازي حديث: النظر إلى وجه علي عبادة. وحدث عن الثقات لعله بما يزيد على ألف حديث سوى المقلوبات. وقال الخطيب في (الكفاية) بسنده إلى المهدي، قال: أقر عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربع مائة حديث فهي تجول بين الناس. وقوم وضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب. وعن ابن الصلاح قال: رويت عن أبي عصمة، نوح بن أبي مريم، أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة. فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومعاذ بن أبي إسحاق، فوضعت هذا الحديث. وقال يحيى: نوح هذا ليس بشيء، لا يكتب حديثه. وقال مسلم وأبو حاتم والدارقطني: متروك.
السابع: يعرف الموضوع بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره أو قرينة في حال الراوي أو المروي أو ركاكة لفظه أو لروايته عمن لم يدركه، ولا يخفى ذلك على أهل هذا الشأن. وقيل لعبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة: قال: يعيش لها الجهابذة.
وأما جهات الوضع فربما يكون من كلام نفسه، أو يأخذ كلاما من مقالات بعض الحكماء أو كلام بعض الصحابة فيرفعه كما روي عن أحمد بن إسماعيل السهمي عن مالك عن وهب بن كيسان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج إلا الإمام). وهو في (الموطأ) عن وهب عن جابر من قوله. وربما أخذوا كلاما للتابعين فزادوا فيه رجلا فرفعوه. وقوم من المجرحين عمدوا إلى أحاديث مشهورة عن النبي، عليه الصلاة والسلام، بأسانيد معلومة معروفة وضعوا لها غير تلك الأسانيد. وقوم عندهم غفلة إذا لقنوا تلقنوا. وقوم ضاعت كتبهم فحدثوا من حفظهم على التخمين. وقوم سمعوا مصنفات وليست عندهم فحملهم الشره إلى أن حدثوا عن كتب مشتراة ليس فيها سماع ولا مقابلة، وقوم كثيرة ليسوا من أهل هذا الشأن، سئل يحيى بن سعيد عن مالك بن دينار ومحمد بن واسع وحسان بن أبي سنان، قال: ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث، لأنهم يكتبون عن كل من يلقون، لا تمييز لهم. وروى الخطيب، بسنده عن ربيعة الراعي، قال: من إخواننا من نرجو بركة دعائه، ولو شهد عندنا بشهادة ما قبلناها. وعن مالك: أدركت سبعين عند هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: قال: رسول الله عليه الصلاة والسلام، فما أخذت عنهم شيئا، وإن أحدهم يؤمن على بيت المال، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، ونزدحم على باب محمد بن مسلم الزهري.
غ 107 حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان! قال: أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار).
هذا هو الحديث الثاني مما فيه المطابقة للترجمة.
بيان رجاله: وهم ستة: الأول: أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري، وقد تقدم. الثاني: شعبة بن الحجاج. الثالث: جامع بن شداد المحاربي، أبو صخرة، وقيل: أبو صخرة الكوفي الثقة، وهو قليل الحديث، له نحو عشرين حديثا، مات ستة ثمان عشرة ومائة، روى له الجماعة. الرابع: عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، أبو حارث المدني، أخو عباد وحمزة وثابت وخبيب وموسى وعمر، كان عابدا فاضلا ثقة مات سنة أربع وعشرين ومائة. الخامس: أبوه وهو: عبد الله بن الزبير بن العوام أبو بكر، ويقال: أبو خبيب، بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الأولى وسكون الياء آخر الحروف بينهما، الصحابي ابن الصحابي أمير المؤمنين، وهو أول من ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة، ولدته أمه أسماء بنت الصديق بقباء، وأتت به النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، فوضعته في حجره ودعى بتمرة فمضعها ثم تفل في فيه وحنكه، فكان أول شيء دخل في جوفه ريق النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا له، وكان أطلس لا لحية له، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة وثلاثون حديثا، ذكر البخاري منها ستة، وكان صواما قواما وليلة راكعا وليلة ساجدا حتى الصباح بويع له بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية سنة أربع وستين واجتمع على طاعته أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان ما عدا الشام، وجدد عمارة الكعبة، وحج بالناس ثمان حجج، وبقي في الخلافة إلى أن