عياض يمد ويقصر ويذكر ويؤنث ويصرف ولا يصرف والتذكير أكثر فمن ذكره صرفه ومن أنثه لم يصرفه يعني على إرادة البقعة أو الجهة التي فيها الجبل وضبطه الأصيلي بفتح الحاء والقصر وهو غريب وقال الخطابي العوام يخطؤن في حراء في ثلاثة مواضع يفتحون الحاء وهي مكسورة ويكسرون الراء وهي مفتوحة ويقصرون الألف وهي ممدودة وقال التيمي العامة لحنت في ثلاثة مواضع فتح الحاء وقصر الألف وترك صرفه وهو مصروف في الاختيار لأنه اسم جبل وقال الكرماني إذا جمعنا بين كلاميهما يلزم اللحن في أربعة مواضع وهو من الغرائب إذ بعدد كل حرف لحن. ولقائل أن يقول كسر الراء ليس بلحن لأنه بطريق الإمالة وهو جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال عن يسارك إذا سرت إلى منى له قلة مشرفة إلى الكعبة منحنية وذكر الكلبي أن حراء وثبير سميا باسمي ابني عم عاد الأولى. قلت ثبير بفتح الثاء المثلثة وكسر الباء الموحدة بعدها الياء آخر الحروف وهو جبل يرى من منى والمزدلفة قوله فيتحنث بالحاء المهملة ثم النون ثم الثاء المثلثة وقد فسره في الحديث بأنه التعبد وقال الصغاني التحنث إلقاء الحنث يقال تحنث أي تنحى عن الحنث وتأثم أي تنحى عن الإثم وتحرج أي تنحى عن الحرج وتحنث اعتزل الأصنام مثل تحنف. وفي المطالع يتحنث معناه يطرح الإثم عن نفسه بفعل ما يخرجه عنه من البر ومنه قول حكيم أشياء كنت أتحنث وفي رواية كنت أتبرر بها أي أطلب البر بها وأطرح الإثم وقول عائشة رضي الله تعالى عنها ولا أتحنث إلى نذري أي أكتسب الحنث وهو الذنب وهذا عكس ما تقدم. وقال الخطابي ونظيره في الكلام التحوب والتأثم أي ألقى الحوب والإثم عن نفسه قالوا وليس في كلامهم تفعل في هذا المعنى غير هذه وقال الكرماني هذه شهادة نفي كيف وقد ثبت في الكتب الصرفية أن باب تفعل يجيء للتجنب كثيرا نحو تحرج وتخون أي اجتنب الحرج والخيانة وغير ذلك. قلت جاءت منه ألفاظ نحو تحنث وتأثم وتحرج وتحوب وتهجد وتنجس وتقذر وتحنف وقال الثعلبي فلان يتهجد إذا كان يخرج من الهجود وتنجس إذا فعل فعلا يخرج به عن النجاسة وقال أبو المعالي في المنتهى تحنث تعبد مثل تحنف وفلان يتحنث من كذا بمعنى يتأثم فيه وهو أحد ما جاء تفعل إذا تجنب وألقى عن نفسه. وقال السهيلي التحنث التبرر تفعل من البر وتفعل يقتضي الدخول في الشيء وهو الأكثر فيها مثل تفقه وتعبد وتنسك وقد جاءت ألفاظ يسيرة تعطي الخروج عن الشيء وإطراحه كالتأثم والتحرج والتحنث بالثاء المثلثة لأنه من الحنث والحنث الحمل الثقيل وكذلك التقذر إنما هو تباعد عن القذر وأما التحنف بالفاء فهو من باب التعبد وقال المازري يتحنث يفعل فعلا يخرج به من الحنث والحنث الذنب وقال التيمي هذا من المشكلات ولا يهتدي له سوى الحذاق وسئل ابن الأعرابي عن قوله يتحنث فقال لا أعرفه وسألت أبا عمرو الشيباني فقال لا أعرف يتحنث إنما هو يتحنف من الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قلت قد وقع في سيرة ابن هشام يتحنف بالفاء قوله قبل أن ينزع إلى أهله بكسر الزاي أي قبل أن يرجع وقد رواه مسلم كذلك يقال نزع إلى أهله إذا حن إليهم فرجع إليهم يقال هل نزعك غيره أي هل جاء بك وجذبك إلى السفر غيره أي غير الحج وناقة نازع إذا حنت إلى أوطانها ومرعاها وهو من نزع ينزع بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل وقال صاحب الأفعال والأصل في فعل يفعل إذا كان صحيحا وكانت عينه أو لامه حرف حلق أن يكون مضارعه مفتوحا إلا أفعالا يسيرة جاءت بالفتح والضم مثل جنح يجنح ودبغ يدبغ وإلا ما جاء من قولهم نزع ينزع بالفتح والكسر وهنأ يهنىء وقال غيره هنأني الطعام يهنأني ويهنأني بالفتح والكسر قلت قاعدة عند الصرفيين أن كل مادة تكون من فعل يفعل بالفتح فيهما يلزم أن يكون فيها حرف من حروف الحلق وكل مادة من الماضي والمضارع فيهما حرف من حروف الحلق لا يلزم أن يكون من باب فعل يفعل بالفتح فيهما فافهم. والأهل في اللغة العيال وفي العباب آل الرجل أهله وعياله وآله أيضا أتباعه وقال أنس رضي الله عنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آل محمد قال كل تقي والفرق بين الآل والأهل أن الآل يستعمل في الأشراف بخلاف الأهل فإنه أعم وأما قوله تعالى * (كدأب آل فرعون) * فلتصوره بصورة الأشراف وقال ابن عرفة أراد من آل فرعون من آل إليه بدين أو مذهب أو نسب ومنه قوله تعالى * (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * قوله ويتزود من التزود وهو اتخاذ الزاد والزاد هو الطعام الذي يستصحبه المسافر يقال زودته فتزود قوله فغطني بالغين المعجمة والطاء المهملة أي
(٤٩)