المعلى بن زياد عن الحسن، وذهب غيرهما إلى صحة سماعه منه، واستدل بما أخرجه البخاري أيضا في الفتن في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ابني هذا سيد) عن علي بن عبد الله عن سفيان عن إسرائيل، فذكر الحديث وفيه: قال الحسن: (لقد سمعت أبا بكرة قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب...) قال البخاري: قال علي بن المديني: إنما صح عندنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث. قال أبو الوليد الباجي: هذا الحسن المذكور في هذا الحديث الذي قال فيه: سمعت أبا بكرة إنما هو الحسن بن علي، رضي الله عنهما، وليس بالحسن البصري، فما قاله غير صحيح والله أعلم.
السادس: الأحنف، بالمهملة والنون، هو أبو بحر بن قيس، واسمه الضحاك، وقيل: صخر بن قيس بن معاوية بن حصن بن حفص بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة من تميم، هولد وهو أحنف وهو الأعوج من الحنف وهو الاعوجاج في الرجل، وهو أن ينفتل إحدى الإبهامين من إحدى الرجلين على الأخرى، وقيل: هو الذي يمشي على ظهر قدمه من شقها الذي يلي خنصرها أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم على عهده ولم يره، وفد إلى عمر، رضي الله عنه، وهو الذي افتتح مرو الروذ، وكان الإمامان الحسن وابن سيرين في جيشه. وولد الأحنف ملتزق الأليتين حتى شق ما بينهما، وكان أعور، سمع عمر وعليا والعباس وغيرهم، وعنه الحسن وغيره. مات بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة ابن الزبير رضي الله عنه. السابع: أبو بكرة، واسمه نفيع بضم النون وفتح الفاء، بن الحارث بن كلدة، بالكاف واللام المفتوحتين، ابن عمر بن علاج بن أبي سلمة، وهو عبد العزى بن غيرة، بكسر الغين المعجمة وفتح الياء آخر الحروف، ابن عوف بن قسي، بفتح القاف وكسر السين المهملة، وهو ثقيف بن منبه الثقفي، وقيل: نفيع بن مسروح مولى الحارث بن كلدة طبيب رسول الله، عليه السلام. وقيل: اسمه مسروح. وأمه: سمية، أمة للحارث بن كلدة، وهو أخو زياد لأمه، وهو ممن نزل يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف في بكرة وكني: أبا بكرة وأعتقه رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وهو معدود في مواليه، وكان من فضلاء الصحابة وصالحيهم، ولم يزل مجتهدا في العبادة حتى توفي بالبصرة سنة اثنتين وخمسين، روي له عن رسول الله، عليه السلام، مائة حديث واثنين وثلاثون حديثا، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بخمسة، ومسلم بحديث. روى عنه ابناه والحسن البصري والأحنف، روى له الجماعة.
بيان لطائف إسناده منها: أن فيه التحديث والعنعنة والسماع. ومنها: أن رواته كلهم بصريون. ومنها: أن فيهم ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهم: الأحنف والحسن وأيوب.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه أيضا في الفتن عن عبد الله بن عبد الوهاب ثنا حماد بن سلمة عن رجل لم يسمع عن الحسن قال: خرجت بسلاحي، وساقه إلى إن قال: قال حماد بن زيد، فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد الله وأنا أريد أن يحدثاني به، فقالا: إنما روى هذا الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة. قال البخاري: ثنا سليمان قال: ثنا حماد بن زيد عن أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف، قال: خرجت... الحديث. وأخرجه مسلم بطريق غير هذه ولفظ آخر. وأخرجه أبو داود والنسائي أيضا.
بيان اللغات والإعراب: قوله: (فما بال المقتول) أي: فما حاله وشأنه؟ وهو من الأجوف الواوي. قوله: (حريصا) من الحرص، وهو الجشع. وقد حرص على الشيء يحرص، مثال: ضرب يضرب، وحرص يحرص، مثال: سمع يسمع، ومنه قراءة الحسن البصري وأبو حيوة، وإبراهيم النخعي، وأبي البر هشيم * (أن تحرص على هداهم) * (النحل: 37) بفتح الراء. قوله: (لأنصر) أي: لأجل أن أنصر، وأن، المصدرية مقدرة بعد اللام. قوله: (فإني سمعت) الفاء فيه تصليح للتعليل. قوله: (يقول): جملة في محل النصب على الحال. قوله: (فالقاتل) الفاء جواب: إذا. قوله: (هذا القاتل) قال الكرماني: هو مبتدأ وخبر، أي: هذا يستحق النار لأنه قاتل، فالمقتول لم يستحقها وهو مظلوم؟ قلت: الأولى أن يقال: هذا، مبتدأ، و: القاتل، مبتدأ ثان، وخبره محذوف، والجملة خبر المبتدأ الأول، والتقدير: هذا القاتل