عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ١٣٤
لسانه ويده) وأراد بالتعليق الثاني: التنبيه على أن عبد الله الذي أبهم في رواية عبد الأعلى هو عبد الله بن عمرو الذي بين في رواية أبي معاوية، وقال قطب الدين في شرحه: هذا من تعليقات البخاري، لأن البخاري، لم يلحق أبا معاوية ولا عبد الأعلى، والحديث المعلق عند أهل الحديث هو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر، وقد أكثر البخاري في صحيحه ولم يستعمله مسلم إلا قليلا، قال أبو عمرو بن الصلاح: فيما جاء بصيغة الجزم، كقال وحدث وذكر، دون ما جاء بغير صيغته: كيروى ويذكر، وإنما كان ذلك لأن صاحبي (الصحيحين) ترجما كتابهما بالصحيح من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلولا أنه عندهما مسند متصل صحيح لم يستجيز أن يدخلا في كتابيهما: قوله قال أبو عبد الله هو البخاري نفسه، لأن أبا عبد الله كنيته. قوله: (حدثنا داود عن عامر) وفي رواية ابن عساكر: حدثنا داود هو ابن أبي هند. قوله في حديث ابن حبان: (والمسلم من سلم الناس): يتناول المسلمين وأهل الذمة، وقال بعضهم: والمراد بالناس هنا المسلمون. كما في الحديث الموصول، فهم الناس حقيقة، ويمكن حمله على عمومه على إرادة شرط وهو إلا بحق، وإرادة هذه الشرط متعينة على كل حال؛ قلت: فيه نظر من وجوه. الأول: قوله: فهم الناس حقيقة يدل على أن غير المسلمين من بني آدم ليسوا بإنسان حقيقة، وليس كذلك، بل الناس يكون من الإنس ومن الجن، قاله في (العباب). والثاني: قوله: (ويمكن حمله). استعمال الإمكان ههنا غير سديد، بل هو عام قطعا. والثالث: تخصيصه الشرط المذكور بهذا الحديث غير موجه، بل هذا الشرط مراعى ههنا وفي الحديث الموصول، فبهذا الشرط يخرج عن العموم في حق الأذى بالحق، وأما في حق المسلم والذمي فعلى عمومه. فافهم.
5 ((باب أي الإسلام أفضل)) يجوز في: باب، التنوين وتركه للإضافة إلى ما بعده، وعلى كل التقدير أي بالرفع لا غير، وفي الوجهين هو: خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا باب، ويجوز التسكين فيه من غير إعراب، لأن الإعراب لا يكون إلا بالتركيب. والمناسبة بين البابين ظاهرة لأن كليهما في بيان وصف خاص من أوصاف المسلم، وذكر جزء الحديث لأجل التبويب.
11 حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده.
الحديث مطابق للترجمة، فإنه أخذ جزءا منه وبوب عليه.
(بيان رجاله) وهم خمسة. الأول: سعيد بن يحيى بن أبان بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس الأموي، يكنى بأبي عثمان، وهو شيخ الجماعة ما خلا ابن ماجة، وروى عنه عبد الله بن أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وإبراهيم الحربي والبغوي وخلق كثير، توفي سنة تسع وأربعين ومائتين، قال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي ويعقوب بن سفيان: سعيد وأبوه يحيى ثقتان، وقال علي بن المديني: هو أثبت من أبيه. وقال صالح بن محمد: هو ثقة إلا أنه كان يغلط، والعاصي قتل يوم بدر كافرا. وأبان أخوه عمرو الأشدق. الثاني: أبوه يحيى بن سعيد المذكور، سمع يحيى الأنصاري وهشام بن عروة ويزيد وآخرين، قال ابن معين: هو من أهل الصدق وليس به بأس. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة، توفي سنة أربع وسبعين ومائة بعد أن بلغ الثمانين، روى له الجماعة. ويحيى بن سعيد في الكتب الستة: أربعة. الأول: هذا. والثاني: يحيى بن سعيد التيمي. والثالث: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري. والرابع: يحيى سعيد بن فروخ القطان. الثالث: أبو بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء، واسمه بريد، بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف، ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الكوفي، يروي عن أبيه وجده والحسن وعطاء، وعنه ابن المبارك وغيره من الأعلام، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بالمتقن يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بذلك القوي. وقال أحمد بن عبد الله: كوفي ثقة، روى له الجماعة وليس في الكتب الستة بريد غير هذا، وفي الأربعة: بريد ابن أبي مريم مالك، وفي مسند علي النسائي: بريد بن أصرم مجهول. كما قال البخاري. وليس في الصحابة من اسمه بريد، ويشتبه بريد بأربعة أشياء وهم يزيد، وبريد، وبزيد، وتريد. الرابع: أبو بردة
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»