المغرب ويراه كل منهما في مكانه وحكى المازري هذا عن ابن الباقلاني ثم قال وقال آخرون بل الحديث على ظاهره والمراد أن من رآه فقد أدركه ولا مانع يمنع من ذلك والعقل لا يحيله حتى يضطر إلى صرفه عن ظاهره فأما قوله بأنه قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين معا فان ذلك غلط في صفاته وتخيل لها على خلاف ما هي عليه وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكون ما يتخيل مرتبطا بما يرى في العادة فيكون ذاته صلى الله عليه وسلم مرئية وصفاته متخيلة غير مرئية والادراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافة ولا كون المرئي مدفونا في الأرض ولا ظاهرا عليها وإنما يشترط كونه موجودا ولم يقم دليل على فناء جسمه صلى الله عليه وسلم بل جاء في الأحاديث ما يقتضي بقاءه قال ولو رآه يأمر بقتل من يحرم قتله كان هذا من الصفات المتخيلة لا المرئية هذا كلام المازري قال القاضي ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم فقد رآني أو فقد رأى الحق فان الشيطان لا يتمثل في صورتي المراد به إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته فان رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة وهذا الذي قاله القاضي ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها لما ذكره المازري قال القاضي قال بعض العلماء خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السلام بالمعجزة وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور فحماها الله تعالى من الشيطان ونزغه ووسوسته وإلقائه وكيده قال وكذا حمى رؤيتهم نفسهم قال القاضي واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها وان رآه الانسان على صفة لا تليق بحاله من صفات الأجسام لأن ذلك المرئي غير ذات الله تعالى إذ لا يجوز عليه سبحانه وتعالى التجسم ولا اختلاف الأحوال بخلاف رؤية النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن الباقلاني رؤية الله تعالى في المنام خواطر في القلب وهي دلالات للرأي على أمور مما كان أو يكون كسائر المرئيات
(٢٥)