صفة شعره صلى الله عليه وسلم وصفاته وحليته قوله (كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤسهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به فسدل ناصيته ثم فرق بعد) قال أهل اللغة يقال سدل يسدل ويسدل بضم الدال وكسرها قال القاضي سدل الشعر ارساله قال والمراد به هنا عند العلماء ارساله على الجبين واتخاذه كالقصة يقال سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه وأما الفرق فهو فرق الشعر بعضه من بعض قال العلماء والفرق سنة لأنه الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم قالوا فالظاهر أنه إنما رجع إليه بوحي لقوله أنه كان يوافق أهل الكتاب فيما لم يؤمر به قال القاضي حتى قال بعضهم نسخ المسدل فلا يجوز فعله ولا اتخاذ الناصية والجمة قال ويحتمل أن المراد جواز الفرق لا وجوبه ويحتمل أن الفرق كان باجتهاد في مخالفة أهل الكتاب لا يوحى ويكون الفرق مستحبا ولهذا اختلف السلف فيه ففرق منهم جماعة واتخذ اللمة آخرون وقد جاء في الحديث أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم لمة فإن انفرقت فرقها والا تركها قال مالك فرق الرجل أحب إلي هذا كلام القاضي والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق وأن الفرق أفضل والله أعلم قال القاضي واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شئ فقيل فعله استئلافا لهم في أول الاسلام وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم وأظهر الاسلام على الدين كله صرح بمخالفتهم في غير شئ منها صبغ الشيب وقال آخرون يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه شئ وإنما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه واستدل بعض الأصوليين بهذا الحديث أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم
(٩٠)