الفضيلة وقد سبق بيان المسألة في الباب المذكور قوله (أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا) وفي الرواية الأخرى في آخر الباب أنه صلاهما بإقامة واحدة وقد سبق في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين وهذه الرواية مقدمة على الروايتين الأوليين لأن مع جابر زيادة علم وزيادة الثقة مقبولة ولأن جابر اعتنى الحديث ونقل حجة النبي صلى الله عليه وسلم مستقصاة فهو أولى بالاعتماد وهذا هو الصحيح من مذهبنا انه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة إقامة فيصليهما بأذان وإقامتين ويتأول حديث إقامة واحدة أن كل صلاة له إقامة ولا بد من هذا ليجمع بينه وبين الرواية الأولى وبينه أيضا وبين رواية جابر وقد سبق إيضاح المسألة في حديث جابر والله أعلم قوله (فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا) وفيه دليل على استحباب المبادرة بصلاتي المغرب والعشاء أول قدومه المزدلفة ويجوز تأخيرهما إلى قبيل طلوع الفجر وفيه أنه لا يضر الفصل بين الصلاتين المجموعتين إذا كان الجمع في وقت الثانية لقوله ثم أناخ كل انسان بعيره في منزله وأما إذا جمع بينهما في وقت الأولى فلا يجوز الفصل بينهما فإن فصل بطل الجمع ولم تصح الصلاة الثانية الا في وقتها الأصلي وأما قوله (ولم يصل بينهما شيئا) ففيه أنه لا يصلى بين المجموعتين شيئا ومذهبنا استحباب السنن الراتبة لكن يفعلها بعدهما لا بينهما ويفعل سنة الظهر التي قبلها قبل الصلاتين والله أعلم قوله (نزل قبال) ولم يقل أسامة أراق الماء فيه أداء الرواية بحروفها وفيه استعمال صرائح الألفاظ التي قد تستبشع ولا يكنى عنها إذا دعت الحاجة إلى التصريح بأن خيف لبس المعنى أو اشتباه الألفاظ أو غير ذلك قوله
(٣١)