من خشية الله وكما حن الجذع اليابس وكما سبح الحصى وكما فر الحجر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم وكما قال نبينا صلى الله عليه وسلم انى لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على وكما دعا الشجرتين المفترقتين فاجتمعا وكما رجف حراء فقال أسكن حراء فليس عليك الا نبي أو صديق الحديث وكما كلمه ذراع الشاة وكما قال سبحانه وتعالى وإن من شئ الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم والصحيح في معنى هذه الآية أن كل شئ يسبح حقيقة بحسب حاله ولكن لا نفقهه وهذا وما أشبهه شواهد لما اخترناه واختاره المحققون في معنى الحديث وأن أحدا يحبنا حقيقة وقيل المراد يحبنا أهله فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه والله أعلم قوله (من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) قال القاضي معناه من أتى فيها آثما أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه قال ويقال أوى وآوى بالقصر والمد في الفعل اللازم والمتعدي جميعا لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح والمد في المتعدى أشهر وأفصح قلت وبالأفصح جاء القرآن العزيز في الموضعين قال الله تعالى أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقال في المتعدى وآويناهما إلى ربوة قال القاضي ولم يرو هذا الحرف الا محدثا بكسر الدال ثم قال وقال الامام المازري روى بوجهين كسر الدال وفتحها قال فمن فتح أراد الاحداث نفسه ومن كسر أراد فاعل الحدث وقوله عليه لعنة الله إلى آخره هذه وعيد شديد لمن ارتكب هذا قال القاضي واستدلوا بهذا على أن ذلك من الكبائر لأن اللعنة لا تكون الا في الكبيرة ومعناه أن الله تعالى يلعنه وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون وهذا مبالغة في ابعاده عن رحمة الله تعالى فإن اللعن في اللغة هو الطرد
(١٤٠)