ولو دخل صيد من الحل إلى الحرم فله ذبحه وأكله وسائر أنواع التصرف فيه هذا مذهبنا ومذهب مالك وداود وقال أبو حنيفة وأحمد لا يجوز ذبحه ولا التصرف فيه بل يلزمه إرساله قالا فإن أدخله مذبوحا جاز أكله وقاسوه على المحرم واحتج أصحابنا والجمهور بحديث يا أبا عمير ما فعل النغير وبالقياس على ما إذا دخل من الحل شجرة أو كلأ ولأنه ليس بصيد حرم قوله صلى الله عليه وسلم (لا يعضد شوكه) فيه دلالة لمن يقول بتحريم جميع نبات الحرم من الشجر والكلأ سواء الشوك المؤذى وغيره وهو الذي اختاره المتولي من أصحابنا وقال جمهور أصحابنا لا يحرم الشوك لأنه مؤذ فأشبه الفواسق الخمس ويخصون الحديث بالقياس والصحيح ما اختاره المتولي والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (وإنه لم يحل القتال فيه لأحد من قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار) هذا مما يحتج بمن يقول أن مكة فتحت عنوة وهو مذهب أبي حنيفة وكثيرين أو الأكثرين وقال الشافعي وغيره فتحت صلحا وتأولوا هذا الحديث على أن القتال كان جائزا له صلى الله عليه وسلم في مكة ولو احتاج إليه لفعله ولكن ما احتاج إليه والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (ولا ينفر صيده) تصريح بتحريم التنفير وهو الازعاج وتنحيته من موضعه فإن نفره عصى سواء تلف أم لا لكن إن تلف في نفاره قبل سكون نفاره ضمنه المنفر وإلا فلا ضمان قال العلماء ونبه صلى الله عليه وسلم بالتنفير على الاتلاف ونحوه لأنه إذا حرم التنفير فالاتلاف أولى قوله صلى الله عليه وسلم (ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها) وفي رواية لا تحل لقطتها إلا لمنشد المنشد هو المعرف وأما طالبها فيقال له ناشد وأصل النشد والانشاد رفع الصوت ومعنى الحديث لا تحل لقطتها لمن يريد أن يعرفها سنة ثم يتملكها كما في باقي البلاد بل لا تحل إلا لمن يعرفها أبدا ولا يتملكها وبهذا قال الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وأبو عبيد وغيرهم وقال مالك يجوز تملكها بعد تعرفها سنة كما في سائر البلاد وبه قال بعض أصحاب الشافعي
(١٢٦)