معه مسلكه مع غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم في غير موطن ما كرهه لكنه صبر استبقاء لانقيادهم وتأليفا لغيرهم لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه فينفروا وقد رأى الناس هذا الصنف في جماعتهم وعدوه من جملتهم قوله صلى الله عليه وسلم (ومن يعدل إذا أكن أعدل لقد خبت وخسرت) روى بفتح التاء في خبت وخسرت وبضمهما فيهما ومعنى الضم ظاهر وتقدير الفتح خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل والفتح أشهر والله أعلم قوله (فقال عمر بن الخطاب دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق) وفي روايات أخر أن خالد بن الوليد استأذن في قتله ليس فيهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن فيه قوله صلى الله عليه وسلم (يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم) قال القاضي فيه تأويلان أحدهما معناه لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف والثاني معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل قوله صلى الله عليه وسلم (يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية) وفي الرواية الأخرى يمرقون من الاسلام وفي الرواية الأخرى يمرقون من الدين قال القاضي معناه يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شئ منه والرمية هي الصيد المرمى وهي فعيلة بمعنى مفعولة
(١٥٩)