مخففة من ماد إذا مال ورواه بعضهم مارت ومعناه سالت عليه وامتدت وقال الأزهري معناه ترددت وذهبت وجاءت يعنى لكمالها ومنه قوله وإذا أراد البخيل أن ينفق قلصت عليه وأخذت كل حلقة موضعها حتى تجن بنانه ويعفو أثره قال فقال أبو هريرة يوسعها فلا تتسع وفي هذا الكلام اختلال كثير لأن قوله تجن بنانه ويعفو أثره إنما جاء في المتصدق لا في البخيل وهو على ضد ما هو وصف البخيل من قوله قلصت كل حلقة موضعها وقوله يوسعها فلا تتسع وهذا من وصف البخيل فأدخله في وصف المتصدق فاختل الكلام وتناقض وقد ذكر في الأحاديث على الصواب ومنه رواية بعضهم تحز ثيابه بالحاء والزاي وهو وهم والصواب رواية الجمهور تجن بالجيم والنون أي تستتر ومنه رواية بعضهم ثيابه بالثاء المثلثة وهو وهم والصواب بنانه بالنون وهو رواية الجمهور كما قال في الحديث الآخر أنامله ومعنى تقلصت انقبضت ومعنى يعفو أثره أي يمحى أثر مشيه بسبوغها وكمالها وهو تمثيل لنماء المال بالصدقة والانفاق والبخل بضد ذلك وقيل هو تمثيل لكثرة الجود والبخل وأن المعطى إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء وتعود ذلك وإذا أمسك صار ذلك عادة له وقيل معنى يمحو أثره أي يذهب بخطاياه ويمحوها وقيل في البخيل قلصت ولزمت كل حلقة مكانها أي يحمى عليه يوم القيامة فيكوى بها والصواب الأول والحديث جاء على التمثيل لا على الخبر عن كائن وقيل ضرب المثل بهما لأن المنفق يستره الله تعالى بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجنة لابسها والبخيل كمن لبس جبة إلى ثدييه فيبقى مكشوفا بادي العورة مفتضحا في الدنيا والآخرة وهذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم في الروايتين الأخريين (كمثل رجلين ومثل رجلين عليهما جنتان) هما بالنون في هذين الموضعين بلا شك ولا خلاف قوله (فانا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعه في جيبه فلو رأيته
(١٠٩)