شرح مسلم - النووي - ج ٣ - الصفحة ٤٠
في نفس الأمر أتضحك بي فمعناه أتسخر بي لان الساخر في العادة يضحك ممن يسخر به فوضع الضحك موضع السخرية مجازا وأما معنى أتسخر بي هنا ففيه أقوال أحدها قاله المازري أنه خرج على المقابلة الموجودة في معنى الحديث دون لفظه لأنه عاهد الله مرارا أن لا يسأله غير ما سأل ثم غدر فحل غدره محل الاستهزاء والسخرية فقدر الرجل أن قول الله تعالى له ادخل الجنة وتردده إليها وتخييل كونها مملؤة ضرب من الأطماع له والسخرية به جزاء لما تقدم من غدره وعقوبة له فسمى الجزاء على السخرية سخرية فقال أتسخر بي أي تعاقبني بالأطماع والقول الثاني قاله أبو بكر الصوفي ان معناه نفي السخرية التي لا تجوز على الله تعالى كأنه قال أعلم أنك لا تهزأ بي لأنك رب العالمين وما أعطيتني من جزيل العطاء وأضعاف مثل الدنيا حق ولكن العجب أنك أعطيتني هذا وأنا غير أهل له قال والهمزة في أتسخر بي همزة نفي قال وهذا كلام منبسط متدلل والقول الثالث قاله القاضي عياض أن يكون هذا الكلام صدر من هذا الرجل وهو غير ضابط لما قاله لما ناله من السرور ببلوغ ما لم يخطر بباله فلم يضبط لسانه دهشا وفرحا فقال وهو لا يعتقد حقيقة معناه وجرى على عادته في الدنيا في مخاطبة المخلوق وهذا كنا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الآخر أنه لم يضبط نفسه من الفرح فقال أنت عبدي وأنا ربك والله أعلم واعلم أنه وقع في الروايات أتسخر بي وهو صحيح يقال سخرت منه وسخرت به والأول هو الأفصح الأشهر وبه جاء القرآن والثاني فصيح أيضا وقد قال بعض العلماء أنه إنما جاء بالباء لإرادة معناه كأنه قال أتهزأ بي والله أعلم قوله (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه) هو بالجيم والذال المعجمة قال أبو العباس ثعلب وجماهير العلماء من أهل اللغة وغريب الحديث وغيرهم المراد بالنواجذ هنا الأنياب وقيل المراد هنا الضواحك وقيل الراد بها الأضراس وهذا هو الأشهر في اطلاق النواجذ في اللغة ولكن الصواب عند الجماهير ما قدمناه وفي هذا جواز الضحك وأنه ليس بمكروه في بعض المواطن ولا بمسقط للمروءة إذا لم يجاوز به الحد المعتاد من أمثاله في مثل
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر سدرة المنتهى 2
2 معنى قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى 4
3 اثبات رؤية الله سبحانه وتعالى 5
4 صفة الصراط 20
5 دعوى الرسل يوم القيامة وصفة جهنم 21
6 آخر أهل الجنة دخولا الجنة 23
7 رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة 25
8 اخراج عصاة المؤمنين من النار 30
9 اثبات الشفاعة واخراج الموحدين من النار 35
10 آخر أهل النار خروجا 39
11 المقام المحمود 51
12 ما جاء في عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 53
13 بشارة الأمة 78
14 من مات على الكفر لا تلحقه الشفاعة 79
15 من مات على الكفر لا ينفعه عمل 86
16 دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب 88
17 التوكل على الله تعالى 91
18 بيان كون هذه الأمة نصف أهل الجنة 95
19 كتاب الطهارة 99
20 فضل الوضوء 100
21 فضل الصبر 101
22 وجوب الطهارة للصلاة 102
23 فضل الوضوء وكماله 105
24 فضل الوضوء والصلاة عقبه 110
25 الذكر المستحب عقب الوضوء 118
26 وجوب غسل الرجلين 127
27 خروج الخطايا مع ماء الوضوء 132
28 فضل اسباغ الوضوء على المكاره 141
29 السواك 142
30 خصال الفطرة 146
31 الختان 148
32 كيفية اعفاء اللحية 149
33 الاستطابة 151
34 آداب قضاء الحاجة 153
35 حبه صلى الله تعالى عليه وسلم للتيامن 160
36 كراهة التبرز في الطريق 162
37 جواز البول قائما 165
38 جواز اقتداء الفاضل بالمفضول 172
39 المسح على الخفين ومقدم الرأس 173
40 جواز الصلوات كلها بوضوء واحد 176
41 حكم ولوغ الكلب 182
42 النهى عن البول في الماء الراكد 187
43 النهى عن الاغتسال في الماء الراكد 188
44 حكم بول الطفل الرضيع 193
45 حكم المنى 196
46 نجاسة الدم وكيفية غسله 199
47 كتاب الحيض 202
48 تحريم جماع الحائض 204
49 جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله 208
50 جواز قراءة القرآن في حجر الحائض 211
51 استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يجامع 216
52 وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها 219
53 بيان صفة مني الرجل والمرأة 226
54 صفة غسل الجنابة 228