وهو مذهب داود الظاهري والمراد بالوضوء وضوء الصلاة الكامل وأما حديث ابن عباس المتقدم في الباب قبله في الاقتصار على الوجه واليدين فقد قدمنا أن ذلك لم يكن في الجنابة بل في الحدث الأصغر وأما حديث أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء رواه أبو داود والترمذي والنسائي و ابن ماجة وغيرهم فقال أبو داود عن يزيد بن هارون وهم أبو إسحاق في هذا يعنى في قوله لا يمس ماء وقال الترمذي يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق وقال البيهقي طعن الحفاظ في هذه اللفظة فبان بما ذكرناه ضعف الحديث وإذا ثبت ضعفه لم يبق فيه ما يعترض به على ما قدمناه ولو صح لم يكن أيضا مخالفا بكان له جوابان أحدهما جواب الامامين الجليلين أبى العباس بن شريح وأبى بكر البيهقي أن المراد لا يمس ماء للغسل والثاني وهو عندي حسن أن المراد انه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلا لبيان الجواز إذ لو واظب عليه لتوهم وجوبه والله أعلم وأما طوافه صلى الله عليه وسلم على نسائه بغسل واحد فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بينهما أو يكون المراد بيان جواز ترك الوضوء وقد جاء في سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحد فقال هذا أزكى وأطيب وأطهر قال أبو داود والحديث الأول أصح قلت وعلى تقدير صحته يكون هذا في وقت وذاك في وقت والله أعلم واختلف العلماء في حكمة هذا الوضوء فقال أصحابنا لأنه يخفف الحدث فإنه يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء وقال أبو عبد الله المازري رضي الله عنه اختلف في تعليله فقيل ليبيت على احدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه وقيل بل لعله أن ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه قال المازري ويجرى هذا الخلاف في وضوء الحائض قبل أن تنام فمن علل بالمبيت على طهارة استحبه لها هذا كلام المازري وأما أصحابنا فإنهم متفقون على أنه لا يستحب الوضوء للحائض والنفساء لأن الوضوء لا يؤثر في حدثهما فان كانت الحائض قد انقطعت حيضها صارت كالجنب والله أعلم وأما طواف النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه بغسل واحد فهو محمول على أنه كان برضاهن أو برضى صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة وهذا التأويل يحتاج إليه من يقول كان القسم واجبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدوام كما يجب علينا وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل فان له أن يفعل ما يشاء
(٢١٨)