رحمة الله تعالى بايراده هنا الاستدلال به على وجوب غسل الرجلين وأن المسح لا يجزئ وهذه مسألة اختلف الناس فيها على مذاهب فذهب جمع من الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الاجماع وقالت الشيعة الواجب مسحهما وقال محمد بن جرير والجبائي رأس المعتزلة يتخير بين المسح والغسل وقال بعض أهل الظاهر يجب الجمع بين المسح والغسل وتعلق هؤلاء المخالفون للجماهير بما لا تظهر فيه دلالة وقد أوضحت دلائل المسألة من الكتاب والسنة وشواهدها وجواب ما تعلق به المخالفون بأبسط العبارات المنقحات في شرح المذهب بحيث لم يبق للمخالف شبهة أصلا الا وضح جوابها من غير وجه والمقصود هنا شرح متون الأحاديث وألفاظها دون بسط الأدلة وأجوبة المخالفين ومن أخصر ما نذكره أن جميع من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة وعلى صفات متعددة متفقون على غسل الرجلين وقوله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار فتواعدها بالنار لعدم طهارتها ولو كان المسح كافيا لما تواعد من ترك غسل عقيبه وقد صح من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء فغسل كفيه ثلاثا إلى أن قال ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود وغيره بأسانيدهم الصحيحة والله أعلم قوله (عن سالم مولى شداد وفي الرواية الأخرى أن أبا عبد الله مولى شداد بن الهاد وفي الثالثة سالم مولى المهري) هذه كلها صفات له وهو شخص واحد يقال له سالم مولى شداد بن الهاد وسالم مولى المهري وسالم بالدوس وسالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري بالنون و الصاد المهملة وسالم سبنان بفتح السين المهملة والباء الموحدة وسالم البراد و سالم مولى البصريين وسالم أبو عبد الله المديني وسالم بن عبد الله وأبو عبيد الله مولى شداد بن الهاد فهذه كلها تقال فيه قال أبو حاتم كان سالم من خيار المسلمين وقال عطاء بن السائب حدثني سالم البراد وكان أوثق عندي من نفسي وأما قوله (حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن أعين حدثنا فليح حدثني نعيم بن عبد الله عن سالم مولى ابن شديد) فكذا وقع في الأصول مولى ابن شداد قيل أنه خطأ والصواب حذف لفظة ابن كما تقدم والظاهر أنه صحيح فان مولى شداد مولى لابنه وإذا أمكن
(١٢٩)