شرح مسلم - النووي - ج ٣ - الصفحة ١٠٣
فذهب ذاهبون من السلف إلى أن الوضوء لكل صلاة فرض دليل قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة الآية وذهب قوم إلى أن ذلك قد كان ثم نسخ وقيل الأمر به لكل صلاة على الندب وقيل بل لم يشرع الا لمن أحدث ولكن تجديده لكل صلاة مستحب وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك ولم يبق بينهم فيه خلاف ومعنى الآية عندهم إذا كنتم محدثين هذا كلام القاضي رحمه الله تعالى واختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه أحدها أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا والثاني لا يجب الا عند القيام إلى الصلاة والثالث يجب بالأمرين وهو الراجح عند أصحابنا وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة من ماء أو تراب ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة الا ما حكى عن الشعبي ومحمد ابن جرير الطبري من قولهما تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة وهذا مذهب باطل وأجمع العلماء على خلافه ولو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم ولا يكفر عندنا وعند الجماهير وحكى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يكفر لتلاعبه ودليلنا أن الكفر للاعتقاد وهذا المصلى اعتقاده صحيح وهذا كله إذا لم يكن للمصلى محدثا عذر أما المعذور كمن لم يجد ماء ولا ترابا ففيه أربعة أقوال للشافعي رحمه الله تعالى وهي مذاهب للعلماء قال بكل واحد منها قائلون أصحها عند أصحابنا يجب عليه أن يصلى على حاله ويحب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة والثاني يحرم عليه أن يصلى ويحب القضاء والثالث يستحب أن يصلي ويجب القضاء والرابع يجب أن يصلي ولا يجب القضاء وهذا القول اختيار المزني وهو أقوى الأقوال دليلا فاما وجوب الصلاة فلقوله صلى الله عليه وسلم وإذا أمرتك بأمر فافعلوا منه ما استطعتم وأما الإعادة فإنما تجب بأمر مجدد والأصل عدمه وكذا يقول المزني كل صلاة أمر بفعلها في الوقت على نوع من الخلل لا يجب قضاؤها والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ فمعناه حتى يتطهر بماء أو تراب وإنما اقتصر صلى الله عليه وسلم على الوضوء لكونه الأصل والغالب والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا صدقة من غلول فهو بضم الغين والغلول الخيانة وأصله السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة وأما قول ابن عامر ادع لي فقال ابن عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وكنت على البصرة فمعناه أنك لست بسالم من الغلول فقد كنت واليا على
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر سدرة المنتهى 2
2 معنى قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى 4
3 اثبات رؤية الله سبحانه وتعالى 5
4 صفة الصراط 20
5 دعوى الرسل يوم القيامة وصفة جهنم 21
6 آخر أهل الجنة دخولا الجنة 23
7 رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة 25
8 اخراج عصاة المؤمنين من النار 30
9 اثبات الشفاعة واخراج الموحدين من النار 35
10 آخر أهل النار خروجا 39
11 المقام المحمود 51
12 ما جاء في عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 53
13 بشارة الأمة 78
14 من مات على الكفر لا تلحقه الشفاعة 79
15 من مات على الكفر لا ينفعه عمل 86
16 دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب 88
17 التوكل على الله تعالى 91
18 بيان كون هذه الأمة نصف أهل الجنة 95
19 كتاب الطهارة 99
20 فضل الوضوء 100
21 فضل الصبر 101
22 وجوب الطهارة للصلاة 102
23 فضل الوضوء وكماله 105
24 فضل الوضوء والصلاة عقبه 110
25 الذكر المستحب عقب الوضوء 118
26 وجوب غسل الرجلين 127
27 خروج الخطايا مع ماء الوضوء 132
28 فضل اسباغ الوضوء على المكاره 141
29 السواك 142
30 خصال الفطرة 146
31 الختان 148
32 كيفية اعفاء اللحية 149
33 الاستطابة 151
34 آداب قضاء الحاجة 153
35 حبه صلى الله تعالى عليه وسلم للتيامن 160
36 كراهة التبرز في الطريق 162
37 جواز البول قائما 165
38 جواز اقتداء الفاضل بالمفضول 172
39 المسح على الخفين ومقدم الرأس 173
40 جواز الصلوات كلها بوضوء واحد 176
41 حكم ولوغ الكلب 182
42 النهى عن البول في الماء الراكد 187
43 النهى عن الاغتسال في الماء الراكد 188
44 حكم بول الطفل الرضيع 193
45 حكم المنى 196
46 نجاسة الدم وكيفية غسله 199
47 كتاب الحيض 202
48 تحريم جماع الحائض 204
49 جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله 208
50 جواز قراءة القرآن في حجر الحائض 211
51 استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل أو ينام أو يجامع 216
52 وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها 219
53 بيان صفة مني الرجل والمرأة 226
54 صفة غسل الجنابة 228