نحو حديث يونس الا أنه قال فحثثت منه كما قال عقيل فهذا تصريح من مسلم بأن رواية معمر وعقيل متفقتان في هذه اللفظة وأنهما مخالفتان لرواية يونس فيها فبطل بذلك قول من قال الثلاثة بالثاء أو الهمزة وبطل أيضا قول من قال إن رواية يونس وعقيل متفقة ورواية معمر مخالفة لرواية عقيل وهذا ظاهر لاخفاء به ولا شك فيه والله أعلم وقد ذكر صاحب المطالع أيضا روايات أخر باطلة مصحفة تركت حكايتها لظهور بطلانها والله أعلم وأما معنى هذه اللفظة فالروايتان بمعنى واحد أعنى رواية الهمز ورواية الثاء ومعناها فزعت ورعبت وقد جاء في رواية البخاري فرعبت قال أهل اللغة جئث الرجل إذا فزع فهو مجؤوث قال الخليل والكسائي جئث وجث فهو مجؤوث ومجثوث أي مذعور فزع والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (هويت إلى الأرض) هكذا في الرواية هويت وهو صحيح يقال هوى إلى الأرض وأهوى إليها لغتان أي سقط وقد غلط وجهل من أنكر هوى وزعم أنه لا يقال الا أهوى والله أعلم قوله (ثم حمى الوحي وتتابع) هما بمعنى فأكد أحدهما بالآخر ومعنى حمى كثر نزوله وازداد من قولهم حميت النار والشمس أي قويت حرارتها قوله (أن أول ما انزل قوله تعالى أيها المدثر) ضعيف بل باطل والصواب أن أول ما أنزل على الاطلاق باسم ربك كما صرح به في حديث عائشة رضي الله عنها واما أيها المدثر فكان نزولها بعد فترة الوحي كما صرح به في رواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر والدلالة صريحة فيه في مواضع منها قوله وهو يحدث عن فترة الوحي إلى أن قال فأنزل الله تعالى يا أيها المدثر ومنها قوله صلى الله عليه وسلم فإذا الملك الذي جاءني بحراء ثم قال فأنزل الله تعالى يا أيها المدثر ومنها قوله ثم تتابع
(٢٠٧)