بهذا لهذا ضعيف وأما قوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا فهو كما قال وفى الرواية الأخرى كاذبا متعمدا ففيه بيان لغلظ تحريم هذا الحلف وقوله صلى الله عليه وسلم كاذبا ليس المراد به التقييد والاحتراز من الحلف بها صادقا لأنه لا ينفك الحالف بها عن كونه كاذبا وذلك لأنه لا بد أن يكون معظما لما حلف به فإن كان معتقدا عظمته بقلبه فهو كاذب في ذلك وإن كان غير معتقد ذلك بقلبه فهو كاذب في الصورة لكونه عظمه بالحلف به وإذا علم أنه لا ينفك عن كونه كاذبا حمل التقييد بكاذبا على أنه بيان لصورة الحالف ويكون التقييد خرج على سبب فلا يكون له مفهوم ويكون من باب قول الله تعالى الأنبياء بغير حق وقوله تعالى تقتلوا أولادكم من املاق وقوله تعالى اللاتي في حجوركم وقوله تعالى فإن خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به وقوله تعالى عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم وقوله تعالى تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا ونظائره كثيرة ثم إن كان الحالف به معظما لما حلف به مجلاله كان كافرا وان لم يكن معظما بل كان قلبه مطمئنا بالإيمان فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به ومعاملته إياه معاملة ما يحلف به ولا يكون كافرا خارجا عن ملة الاسلام ويجوز أن يطلق عليه اسم الكفر ويراد به كفر الاحسان وكفر نعمة الله تعالى فإنها تقتضي ان لا يحلف هذا الحلف القبيح وقد قال الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه فيما ورد من مثل هذا مما ظاهره تكفير أصحاب المعاصي ان ذلك على جهة التغليظ والزجر عنه وهذا معنى مليح ولكن ينبغي أن يضم إليه ما ذكرناه من كونه كافر النعم وأما قوله صلى الله عليه وسلم من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله الا قلة فقال القاضي عياض هو عام في كل دعوى يتشبع بها المرء بما لم يعط من مال يختال في التجمل به من غيره أو نسب ينتمي إليه أو علم يتحلى به وليس هو من حملته أو دين يظهره وليس هو من أهله فقد أعلم صلى الله عليه وسلم أنه غير مبارك له في دعواه ولا زاك ما اكتسبه بها ومثله الحديث الآخر اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب وأما قوله صلى الله عليه وسلم أن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وأن الرجل ليعمل عمل أهل النار وهو من أهل الجنة ففيه التحذير من الاغترار بالاعمال وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره
(١٢٦)