التي لا أنيس بها وأما تخصيصه صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى الشيخ الزاني والملك الكذاب والعائل المستكبر بالوعيد المذكور فقال القاضي عياض سببه أن كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده وإن كان لا يعذر أحد بذنب لكن لما لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مزعجة ولا دواعي متعادة أشبه اقدامهم عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها فان الشيخ لكمال عقله وتمام معرفته بطول ما مر عليه من الزمان وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء واختلال دواعيه لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال في هذا ويخلى سره منه فكيف بالزنا الحرام وإنما دواعي ذلك الشباب والحرارة الغريزية وقلة المعرفة وغلبة الشهوة لضعف العقل وصغر السن وكذلك الامام لا يخشى من أحد من رعيته ولا يحتاج إلى مداهنته ومصانعته فان الانسان إنما يداهن ويصانع بالكذب وشبهه من يحذره ويخشى أذاه ومعاتبته أو يطلب عنده بذلك منزله أو منفعه وهو غنى عن الكذب مطلقا وكذلك العائل الفقير قد عدم المال وإنما سبب الفخر والخيلاء والتكبر والارتفاع على القرناء الثروة في الدنيا لكونه ظاهرا فيها وحاجات أهلها إليه فإذا لم يكن عنده أسبابها فلماذا يستكبر ويحتقر غيره فلم يبق فعله وفعل الشيخ الزاني والامام الكاذب الا لضرب من الاستخفاف بحق الله تعالى والله أعلم وأما الثلاثة في الرواية الأخيرة فمنهم رجل منع فضل الماء من ابن السبيل المحتاج ولا شك في غلظ تحريم ما فعل وشدة قبحه فإذا كان من يمنع فضل الماء الماشية عاصيا فكيف بمن يمنعه الآدمي المحترم فان الكلام فيه فلو كان ابن السبيل غير محترم كالحربي والمرتد لم يجب بذل الماء له وأما الحالف كاذبا بعد العصر فمستحق هذا الوعيد وخص ما بعد العصر لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار وغير ذلك وأما مبايع الامام على الوجه المذكور
(١١٧)