رسالة في المهر - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٧
المقتدي به، متبعا له، على سبيل الفضل والثواب، لا على سبيل الفرض والوجوب، ولو كان ذلك واجبا لما جاز المهر دون خمسمائة درهم.
أما ترى لو أن رجلا تزوج امرأة على صداق مائة درهم يلزمه أكثر منه، وأنه تزوجها على السنة، ولو كان ما فعله صلى الله عليه وآله وسلم واجبا لما تزوجها هذا الذي أمهرها دون الخمسمائة على السنة، وللزمه الخمسمائة.
ولما صح أن فوقه ودونه وبدله جائز كله، علمنا أنه هو على سبيل الفضل والثواب، لا على سبيل الفرض والوجوب.
وجميع ما شرحناه وبيناه، من إثبات المهر قليلا كان أو كثيرا، ومن أي صنف كان، بعد رضا المرأة، فهو جائز ويسمى مهرا.
فإذا لم ترض المرأة إلا بمهر كثير معدود بالغ ما بلغ، بعد رضا الزوج وإلزامه نفسه، فلها ذلك. وللزوج أن يفعل في حاله ما شاء، فقد أباح الله له ذلك في محكم كتابه.
وروي عن مجالد (١)، أن عمر بن الخطاب (٢) خطب الناس، فقال:
لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني أحد ساق أكثر مما ساق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال، فلما

(١) مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شر حبيل، أبو عمرو، وقيل: أبو سعيد الكوفي، روى عن الشعبي وقيس بن أبي حازم وجبر بن نوف وغيرهم، وعنه روى ابنه إسماعيل، وإسماعيل بن أبي خالد، وجرير بن حازم وجماعة. مات سنة ١٤٤. أنظر تهذيب التهذيب ٩:
(٢) عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح، روى عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أبي بكر وأبي بن كعب، وروى عنه أولاده وعثمان وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم، قتل سنة ٢٣ للهجرة. أنظر تهذيب التهذيب ٧: ٤٣٨.
Input string was not in a correct format.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 » »»