دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٢٣
مرضيا، وقد احتمل في البداية دلالة الأولين على التوثيق مائلا إلى ذلك.
ومنها قولهم: " دين ".
ولا شبهة في دلالته على المدح المعتد به المقارب للتوثيق، بل يحتمل دلالته على ذلك، لأن الدين لا يطلق إلا على من كان ملتزما بجميع أحكام الدين، ومن كان كذلك فهو عدل.
ومنها قولهم: " فاضل ".
وقد صرح " البداية " بإفادته المدح الملحق لحديث المقول فيه بالحسن وعدم إفادته التوثيق لظهور أعميته من الوثاقة، لأن مرجع الفضل إلى العلم وهو يجامع الضعيف بكثرة. قلت: الفضل في اللغة الزيادة، فيحتمل أن يكون المراد بالفاضل من كان عالما بما يزيد على علم الدين من العلوم، وأظن أن منشأ انتزاع كلمة الفاضل، النبوي المعروف: " العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان وما عدى ذلك فضل " فيكون الفاضل من علم بغير علمي الطب والفقه ومتعلقاته من العلوم، ولا يضر في ذلك إنكار الشيخ البهائي - رحمه الله - هذا الحديث وعده له من الأحاديث المجعولة.
ومنها قولهم: " فقيه " ومثله " عالم، ومحدث، وقارئ ".
ولا شبهة في إفادة كل منها المدح المعتد به وعدم إفادة الوثاقة للأعمية منها، كما هو ظاهر. ويتأكد إفادة المدح لو قيل: فقيه من فقهائنا أو من محدثينا أو من علمائنا أو قرائنا.
ومنها قولهم: " ورع ".
وهو دال على المدح التام القريب من الوثاقة، بل لعله دال عليها، لأن الورع بكسر الراء هو من يتصف بالورع بفتح الراء على وجه يكون صفة لازمة له. والورع لغة: هو الكف عن محارم الله تعالى والتحرج منها، ولا يكون كذلك إلا من له ملكة العدالة. ويؤيده أنه عرفا لا يطلق إلا على من كان في أعلى درجات الثقة والعدالة.
ومنها قولهم: " صالح " من دون إضافته إلى الحديث ومثله " زاهد ".
والحال فيهما هي الحال في سابقهما لغة وعرفا، فأن العرف لا يطلقهما إلا
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»