فقه الحديث ودرايته بسمه تعالى وله الحمد، والسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد: فإن العلماء المدققين وذوي البصائر في معرفة أسرار الشرع المبين ذكروا لدراية الحديث ووعايته، وفقهه ورعايته أمورا مهمة، وذلك بعد الفراغ من تحقيق سنده وتعيين مبلغ الاعتماد عليه، فيجب على الباحث عرفان تلك الأمور العظام، والالتزام بها، لفهم المراد ودرك المغزى من الكلام.
والفقه في اللغة هو العلم بالشئ والفهم والفطنة له، وفقه - كعلم -: فهم، وكمنع: سبق غيره بالفهم، وككرم: صار الفقه له سجية، وفي العرف: الوقوف على المعنى الخفي يتعلق به الحكم، أو التوصل بعلم شاهد إلى علم غائب بمعنى أنه تعقل وعثور يعقب الإحساس والشعور. (أبو البقاء) روى الصدوق - رحمه الله - في معاني الأخبار مسندا " عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال له: يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلي عليه السلام فوجدت في الكتاب: أن قيمة كل امرء وقدره معرفته، إن الله تعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا ".
فأول هذه الأمور: عرض محتواه على الكتاب العزيز " الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد " فإن لم يوجد فيه، فعلى السنة المقطوعة، وذلك لئلا يخالفهما.
روى الكليني - رحمه الله - في الصحيح " عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال: أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقله ".
وفي أمالي الشيخ - رحمه الله - مسندا " عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلنا عليه ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا - إلى أن قال: - قال:
انظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا