امرء قطعا كما إذا أمر القائد جنده بالهجوم على حصون العدو فهذا الامر منه لا يشمل القائد نفسه، فلو تخلف عن الهجوم لا يكون عاصيا، وإذا هجم مع الجند لا يكون ممتثلا لأمر نفسه، وهذا بخلاف الجندي فإنه يتصف بالعصيان إذا تخلف كما يتصف بالطاعة إذا تقدم.
ولعله يستدل على ذلك بما ذكره الشريف الرضى في كتابه " حقائق التأويل " عن الواقدي في كتاب " المغازي " " من أن رسول الله (ص) لما اقبل ومن معه من أسارى المشركين كان سهيل بن عمر مقرونا إلى ناقة النبي فلما صار من أميال عن المدينة انتشط (1) نفسه من القرن (2) وهرب فقال النبي:
" من وجد سهيل بن عمرو فليقتله وافترق القوم في طلبه، فوجده النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بينهم منقبعا إلى جذم (3) شجرة فلم يقتله وأعاد إلى الوثاق " قال الشريف الرضي في تعليل ذلك:
" لأنه لم يصح دخوله تحت أمر نفسه، ولو وجده غيره من أصحابه لوجب عليه ان يقتله لما صح ان يدخل تحت أمر النبي (ص) " وأنت جد عالم انه لا يصح قطعا ان يكون المراد من " أنفسنا " نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا واضح لمن تأول وتجنب وحي العقيدة.