المباهلة - السيد عبد الله السبيتي - الصفحة ٥٨
وبعد - فالعقل لا يصل إلى صورة ارفع من هذه الصورة والى اشخاص في رتبة هؤلاء أو ارفع لئلا يقع من العليم الحكيم الترجيح بدون مرجح في المرحلة الحاسمة.. ولان العقل لا يساند الاختيار الا إذا وقع على الأمثل الأمثل من المثل العليا. وليس في مكنون علم الله سبحانه أمثل من هؤلاء.
فالله " عالم الغيب والشهادة.. ولا يعزب عنه مثال ذرة " " أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشجرتين ففصدتا (1) وكسح (2) ما بينهما حتى إذا كان الغد أمر بكساء اسود رقيق فنشر على الشجرتين " على هيئة المخيم.
" وخرج السيد والعاقب بولديهما وعليهما من الحلي واحلل ما يلفت الانظار ومعهم نصارى نجران وفرسان بني الحرث على خيولهم، وهم على أحسن هيئة كأنهم ليوث غاب " واجتمع الناس من أهل المدينة ومن حولها من الاعراب وأهل الألوية يرقبون الحادث لا يعرفون ما هو مقبل عليهم، عندهم ثقة تامة ولكن يرتادهم شك، ولهم ايمان راسخ ولكن يراوده قلق، وقد ضرب الاضطراب عليهم نطاقه والقلق مد روافه، فهذه وجوه عليها غبرة ترهقها قترة، وهذه وجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة.. الشمس تسير بأفقها مضطربة كاضطراب هذه القلوب... هذه الرياح تهب من حول الناس بألوان مختلفة تارة مهيبا وأخرى رهيبا. الناس جمود يتحركون.. صامتون يتكلمون آمنون وجلون.. حيارى وما هم بحيارى، وأوشك الناس يتبينوا ان الانقلاب

(1) اي كسرتا (2) كنس ما بينهما
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»