وصدق، وهو قادر على أن يكون صالحا بمقدار ما يكون منسجما مع قضيته العادلة، ورسالي بمقدار ما يعطي من حياته لهذه القضية، وهو إنسان يمكن أن يكون شهيدا. هذا الصنف من الناس، هم الذين قال الله عز وجل فيهم: (والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) الحشر / 9 الصنف الأول، إنسان محدود يبدأ في الرحم وتنتهي حياته الدنيا في القبر، ولا يترك في حياة الناس وراءه أي خير، هذا إذا لم يترك في حياتهم ألوانا من الشر، والصنف الثاني إنسان غير محدود، يبدأ في الرحم، وتنتهي حياته الدنيا في القبر ولكنه يترك في حياة الناس ألوانا من الخير والسعادة، وتبقى حياته نابضة فيهم، وتضحياته سعادة وتقدما في حياتهم، وذكراه قدوة لهم تزيد من أمثاله الذين ينسجون على منواله.
إن إمكانية الشهادة لهذا الصنف من الناس، تزيد باطراد بمقدار ما تكون قضيته شاملة وعادلة ومستقبلية وبمقدار ما يعطي من حياته لهذه القضية، وأولئك الذين تكون قضيتهم شاملة للبشرية جمعاء، عادلة ومستقبلية، ويتحدون بها اتحادا كاملا، فيعطونها كل حياتهم ووجودهم ومستقبلهم، هم المؤهلون للشهادة تأهيلا كاملا، إنهم الذين تقل عندهم فرص الموت وتكثر لديهم فرص الشهادة.
إن حياتهم تكون في هذه الحالة استشهادا مستمرا، إنهم الشهداء الاحياء الذين ينتظرون قضاء نحبهم في سبيل الله وهذه النوعية من الناس