ينطبق على كل الأمم في كل العهود وفي جميع الحضارات. ويمكن أن تقدم مثالا له من حياة الاسلام بين عهد الرسول صلى الله عليه وآله وبين عهد الإمام الحسين (ع) الذي يسجل هذا الكتاب دراسة عن شهداء ثورته.
ففي عهد الرسول كانت روح الشهادة بين أصحابه شائعة كالهواء والنور، فحقق الاسلام والمسلمون انتصارات تجاوزت كل القوانين العادية للتاريخ، لان عاملا نوعيا هو عامل الشهادة، غير المعطيات العادية لحركة التاريخ، واستمرت هذه الاندفاعة بفضل هذه الروح حتى حققت للاسلام في عهد الخلفاء الأولين انتشاره الأعظم.
أما في عهد الإمام الحسين (ع) مع انتشار الاسلام وانتشار ثقافته ونمو مجتمعه فقد كانت روح الشهادة ضئيلة تشبه النجوم في ظلمات الليل بحيث لم يستطع كل الظلم الأموي، وكل التحدي الحسيني العلوي الاسلامي، أن يولد إلا عددا محدودا من الشهداء تمثل نخبتهم شهداء كربلاء، مما اقتضى من الإمام الحسين (ع) وقد أدرك هذه الحقيقة المرعية، أن يقوم بثورته العظيمة والانتحارية من أجل أن يفجر في الأمة الاسلامية روح الشهادة من جديد. لتغدو كالنور والهواء كما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولتستأنف الأمة بهذه الروح جهادها من أجل العدالة والكرامة الانسانية للمستضعفين، كل المستضعفين في الأرض، ومن هذا المنظور يمثل أنصار الحسين (ع) شهداء كربلاء، أعلى ذروة نوعية في سجل الشهادة والشهداء في تاريخ الاسلام كله، لأنهم صمموا على نيل الشهادة التي رزقهم الله إياها في حالة من الهزيمة للأمة، أمام قوى الطغيان، وهذا ما يميزهم عن شهداء العهد النبوي الذي صمموا على نيل