الشهادة التي رزقهم الله إياها، في حالة من اندفاع الأمة نحو مواجهة قوى الطغيان وفي حالة كانت الشهادة في حياة الأمة كالنور والهواء.
إن التضحية العظمى التي جعلت شهداء كربلاء، يتجاوزون حياتهم من أجل الآخرين ونحو الآخرين، الذين كان موقفهم في الغالب موقف الخذلان وفي النادر موقف الأسى السلبي المتفرج، يختلف بالتأكيد عن التضحية العظمى التي جعلت شهداء العهد النبوي يتجاوزون حياتهم نحو الآخرين ومن أجل الآخرين، الذين كان موقفهم موقف المشارك المتعاطف: (ولا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل * وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) آل عمران / 169 - 171 إني لم أكتب هذه الدراسة عن شهداء كربلاء الأبرار إحياء لذكرهم (فهم أحياء عند ربهم يرزقون). وإنما كتبتها لأصل حياتي بحياتهم، فأتعلم منها وأستشعر بها روح الشهادة، ونشرت هذا الكتاب في الناس ليستذكر قراؤه روح الشهادة هذه في زمن طغت فيه على الأمة الاسلامية روح الترف، وضمرت فيه روح الشهادة، وطغت فيه مثل الحياة المادية التي تجرد الانسان من أية قضية تجعل من حياته مشروعا يتجاوز ذاته نحو الآخرين ومن أجل الآخرين. وانحسرت فيه روح الاسلام التي هي قضية الأمة الاسلامية التي تستطيع أن تحرر بها نفسها، وتحرر بها الآخرين من أغلال الاستعمار الجديد في العالم الثالث والعالم الاسلامي، ومن أغلال إسرائيل ووجودها العدواني الرجعي في العالم العربي. فلم