إنه (ع) هو الصديق الأكبر بنص النبي (ص) (1)، وعلى كونه (ع) مع الحق والحق معه، ودوران الحق معه حيث ما دار، وهذا مما يخرج عمر عن دائرة الإسلام ويولجه في ذرافة الكفرة اللئام.
ولقد حق في حق ابن سعد ومن تبعه في تصديق هذه الحكاية الفضيعة التي أورثت تخجيلا وتشهيرا قوله تعالى: فليضحكوا قليلا، وليبكوا كثيرا (2)، ومن أعجب العجائب إن هذه الحكاية الموضوعة اشتملت على رد اعتذار علي (ع) بكلامه القبيح وأتى فيه في الأقسام الكاذبة واليمين الفاجرة المشتملة على لفظ الجلالة قائلا: إنك والله ما بك ذلك، وهذه جرأة عظيمة، وجسارة فخيمة، وجريرة مزهمة، وكبيرة موبقة، وأشد من من ذلك إن عمر بعد تكذيبه لعلي (ع) بهذا القول الشنيع زاد جرأة على جرأة فقال: ولكن علمنا ما بك، وهذا القول الشنيع عن قبول خطبة عمر، والباعث على رده خائبا خاسرا كان غير ما أظهر علي (ع)، وأن عمرا طلع على ما أضمره علي (ع) في نفسه، وفي هذا القول أيضا تكذيب الإمام المعصوم، أدعى علم الغيب المحجوب والاطلاع على ما في النفوس والقلوب، وهو في هذا الخبر المكذوب من أكبر النقائص والعيوب.
ومما يورث العجب عن عمر يخبر عليا (ع) بما أخفاه هو في قلبه خوفا من عمر وعلمه عمر بصفاء ضميره وكشفه، فليته بين الأمر المخفي في قلب علي عليه حتى يمكن لأوليائه وأعدائه يتميز الحق من الباطل ولا يبقى محل لتعارض الظنون من تعارك الأوهام.
ومن أعجب العجائب إن هذه القصة المكذوبة قد اشتملت على أمر فضيع بالغ من الفضاعة إلى أقصى الحدود وهو أمر علي (ع) بتزيين أم كلثوم (ع) وإرسالها مع بردها إلى عمر، إلى آخر الحكاية الشنيعة التي حاكها الواقدي على هذا منوال النصب والعدوان، فإن مضمونها مشحون بأنواع الأكاذيب المختلقات،