نجد حديث أم كلثوم هذا الذي صحح أسناده ابن حجر، يريد أن يعالج شهرة انتساب الأبيات إلى أبناء ضرار الشعراء، وذلك بالتصريح بأن أم المؤمنين بنفسها قد شاهدت في المحصب بالمشعر في حجها مع عمر في آخر حجة حجها عمر، حيث رجع إلى المدينة في الشهر نفسه فطعن فتوفي.
شاهدت أم المؤمنين الراكب الملثم ينشد عن منزل عمر - حيث كان قد ارتحل عنه - فيدله القائل المجهول على منزل عمر، فينيخ الملثم راحلته، ويرفع عقيرته يتغنى بالابيات، فترسل أم المؤمنين أحد أهلها ليعلموها عن الرجل المنيخ أمامها، ولكنه قد غاب عن النظر " فلم يجدوا في مناخه " الذي كان بمرأى من أم المؤمنين " أحدا ".
إذن فالرجل قد كان من الجن وإلا فأين ذهب عن النظر. فلذلك حلفت أم المؤمنين وقالت:
" فوالله إني لاحسبه من الجن ".
وبعد هذه المشاهدة المحسوسة بالبصر واليمين عليها، هل يشك أحد في أن الجن هي التي أنشدت هذه الأبيات للاخبار بموت عمر.
وبعد هذا فليدع من شاء أن يدعى أن هذه الأبيات من نظم الشاعر ابن ضرار. وأنه كان قد نظمها من بعد موت عمر، فليس ذلك بمقبول منه بعد أن لهجت الجن بها من قبل موت عمر بنيف وعشرة أيام في المحصب وقبل ثلاث في المدينة.
والذي يوقفنا من هذا الحديث موقف الشك مضافا إلى ما سبق ذكره - هو أن رؤية الجن وسماعها إن كان منحصرا بأزواج الرسول، فلذلك لم تشاهدها الآلاف من الحجاج في الموقف بالمحصب ولم تسمعها، فإن أم المؤمنين عائشة أيضا لم تكن وحدها قد حجت في تلك الحجة من أزواج الرسول صلى الله عليه وآله بل كانت ترتحل وتنزل في كل منزل سوية مع غيرها من أمهات المؤمنين ممن حججن معها، فلم انحصر الحديث عنها في قصة رثاء الجن!؟
وهناك حديث آخر عن أم المؤمنين لعلاج الشك في صحة نسبة الأبيات