أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
لابد للشخصيات المؤثرة في نفوس البشر، والموجهة إياهم من بصر بمواقع الكلام، وبلاغة في القول، وجزالة في الأسلوب، وقد أتيت أم المؤمنين حظا وافرا من كل ذلك.
قال معاوية بعد انصرافه من بيتها، وكان متكئا على يد مولاها ذكوان:
والله ما سمعت قط أبلغ من عائشة ليس رسول الله صلى الله عليه وآله (210).
وقال الأحنف بن قيس: سمعت خطبة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء بعدهم، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم، ولا أحسن منه من فم عائشة (211).
وسأل معاوية زيادا يوما: أي الناس أبلغ؟ فقال له: " أنت يا أمير المؤمنين "، فقال له: " أعزم عليك "، فقال له: " حيث عزمت علي فأبلغ الناس عائشة "، فقال معاوية: " ما فتحت بابا قط تريد أن تغلقه إلا أغلقته، ولا أغلقت بابا تريد أن تفتحه إلا فتحته " (212).
وفيما مر علينا من محاورات أم المؤمنين مع أم سلمة وأبي الأسود الدؤلي، وكتبها، وخطبها في حرب البصرة وغيرها (213) دلائل على صدق قول معاوية.
وكانت كثيرا ما تتمثل في كلامها بأشعار لبيد وغيره. وقد حدثت هي نفسها وقالت: رويت للبيد نحوا من ألف بيت (214).
وقالوا: ربما روت عائشة القصيدة ستين بيتا أو أكثر (215).
وذلك بما وهبها الله من ذاكرة قوية، وإليها كانت تعزو علمها بالطب، قال عروة: ما رأيت أحدا أعلم بالطب من عائشة (رض)، فقلت: يا خالة!

(210) النبلاء 2 / 229.
(211) النبلاء 2 / 134.
(212) تهذيب ابن عساكر 5 / 417.
(213) راجع قبله ص 138، و 140 142، و 147، و 148، و 156، و 157.
(214) النبلاء 2 / 138.
(215) النبلاء 2 / 136.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»