عطفت أم المؤمنين على معارضيه وأيدتهم، ففترت العلائق بينهما، وأول بادرة بينهما كانت في أمر وساطتها لحجر. قال أبو الفرج (185):
إن عائشة بعثت عبد الرحمن بن الحرث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه وقد قتلهم إلى قوله وكانت عائشة تقول: لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت الأمور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر، أما والله إن كان لمسلما ما علمته حاجا معتمرا.
إن أم المؤمنين تقصد بقولها: لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت الأمور إلى أشد مما كنا فيه: ما غيرت فيه على عثمان حتى قتل، فآلت الأمور بها إلى أشد باستيلاء علي على الخلافة حيث قالت فيه: ليت السماء أطبقت على الأرض إن تم ذلك، ثم أرادت تغييره. فحاربته، فخسرت ابن عمها طلحة، وابنه، وزوج أختها الزبير، وهي تخاف بعد هذا إن غيرت على معاوية أن يؤول الامر إلى أشد مما هي فيه، فكظمت غيظها وسكتت عنه.
ومما قالت في قتل حجر:
أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجرا وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد (186) علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عدا، ومنعة، وفقها، ولله در لبيد حيث يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب لا ينفعون ولا يرجى خيرهم * ويعاب قائلهم وإن لم يشغب