أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٥٠
الكريم بلغت الذروة، بل جاوزت الحدود المعروفة فيه، وكانت نقمتها على مناوئيهم من آثار شفقتها عليهم، وفيما سبق ذكره من ترجمتها لأكثر من دليل على ذلك، ومن أجلى مظاهر حنوها على أقربائها قصتها مع أخيها محمد بن أبي بكر، فإنهما بعد أن اشتركا في الاجهاز على عثمان، اختلفا بعده، فدخل محمد تحت راية علي، وجرد السيف في وجهها، وحاربها في البصرة، حتى إذا انتهت المعركة أمره علي أن يتعاهد أخته. فلما أدخل رأسه إليها، قالت: من أنت ويلك!؟ قال: أبغض أهلك إليك! قالت: ابن الخثعمية؟ قال: نعم، قالت: الحمد لله الذي عافاك (206).
ثم قتل محمد هذا في مصر، وأدخل رأسه في جيفة حمار، وأحرق، وبلغ ذلك عائشة، فبكت بكاء شديدا.
ولما بلغ أم حبيبة أخت معاوية بن أبي سفيان قتل محمد وتحريقه شوت كبشا، وبعثت به إلى عائشة تشفيا بقتل محمد بطلب دم عثمان، فقالت عائشة: قاتل الله ابنة العاهرة، والله لا أكلت شواء أبدا، ثم ضمت عياله إليها (207).
قال القاسم بن محمد بن أبي بكر: لما قتل معاوية بن خديج الكندي، وعمرو بن العاص أبي بمصر، جاء عمي عبد الرحمن بن أبي بكر، فاحتملني، وأختا لي من مصر، فقدم بنا المدينة، فبعثت إلينا عائشة، فاحتملتنا من منزل عبد الرحمن إليها، فمات رأيت والدة قط، ولا والدا أبر منها، فلم نزل في حجرها على فخذها، ثم بعثت إلى عمي عبد الرحمن، فلما دخل عليها، قالت له بعد حمد الله والثناء عليه: يا أخي! إني لم أزل أراك معرضا عني منذ قبضت هذين الصبيين منك، ووالله ما قبضتهما تطاولا عليك، ولا تهمة لك فيهما، ولا لشئ

(206) راجع قبله ص 180.
(207) تذكرة خواص الأمة في ذكره حرب الخوارج ط. النجف 114، وفي التمهيد والبيان ص 209، ذكر امتناعها عن أكل الشواء.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»