لقاء وعتاب:
في الاستيعاب وأسد الغابة (187): أن معاوية لما قدم المدينة دخل على عائشة (رض) فكان أول ما قالت له في قتل حجر، في كلام طويل، فقال معاوية: دعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا.
ومن الكلام الطويل الذي دار بينهما ما رواه ابن عبد البر (188) أيضا حيث قال: لما حج معاوية جاء إلى المدينة زائرا فاستأذن على عائشة (رض) فلما قعد، قالت له: يا معاوية! أمنت أن أخبئ لك من يقتلك بأخي محمد بن أبي بكر؟! فقال: بيت الأمان دخلت، وقالت: يا معاوية! أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه، قال: إنما قتلهم من شهد عليهم!
وفي مسند أحمد (189) أنه قال في جوابها: ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان!
وقد سمعت النبي يقول: الايمان قيد الفتك. كيف أنا في الذي بيني وبينك؟
وفي حوائجك؟ قالت: صالح، قال: فدعينا وإياهم حتى نلتقي عند ربنا عز وجل! انتهى.
إننا نعلم أن محمد بن أبي بكر كان قد قتل سنة سبع وثلاثين، وحجر بعد الخمسين، فلماذا سكتت أم المؤمنين كل هذه السنوات الطوال عن مطالبة معاوية بدم أخيها، حتى إذا قتل حجر ذكرته!؟ نرى أن السبب في ذلك أنها كانت قد أوفدت الحارث من المدينة إلى الشام تشفع في حجر، وانتشر خبر ذلك في البلاد وفيما الناس مع أم المؤمنين واثقون من نجاح مسعاها، وإذا بالوفد يرجع خائبا، ولم يسبق لها مثل ذلك، فعظم عليها، وغضبت على معاوية، وجابهته بقوارص الكلم، وذكرته بدم أخيها المهدور بعد زهاء خمس عشرة سنة، فلان لها معاوية، وذكرها بما بينهما، وبسوابقه في قضاء حوائجها،