غير أن كل ذلك لم يخفف من سورة غضبها، وبقيت حانقة عليه خاصة، وعلى بني أمية عامة، لان الخلاف بينهما كان قد اتسعت شقته بعد مخالفة عبد الرحمن شقيق أم المؤمنين لبيعة يزيد، وموته الفجائي إثر هذه المخالفة. وقد أخرج البخاري قصة مخالفته باخترال في صحيحه (190) وقال:
كان مروان واليا على الحجاز استعمله معاوية، فخطب فجعل يذكر يزيد ابن معاوية لكي يبايع بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال:
خذوه، فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: " والذي يقول لوالديه أف لكما أتعدانني " فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
وروى ابن الأثير (191) أن معاوية كتب إلى مروان في بيعة يزيد، فقام مروان خطيبا فقال:
إن أمير المؤمنين قد اختار لكم، فلم يأل، وقد استخلف ابنه يزيد بعده، فقام عبد الرحمن بن أبي بكر. فقال: كذبت والله يا مروان! وكذب معاوية.
ما الخيار أردتما لامة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية، كلما مات هرقل قام هرقل فقام مروان: هذا الذي أنزل الله فيه " والذي قال لوالديه أف لكما " الآية، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب، فقامت من وراء الحجاب، وقالت: يا مروان! يا مروان! فأنصت الناس، وأقبل مروان بوجهه، فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن إنه نزل فيه القرآن؟! كذبت والله ما هو به، ولكنه فلان بن فلان، ولكنك فضض من لعنة الله.
وفي رواية، فقالت: كذب والله! ما هو به، ولكن رسول الله لعن أبا