أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
فوعظته، ثم ذكر انه خرج إلى مكة فلقيه الناس وتلقاه أولئك النفر، فرحب بهم، ووصلهم، ثم جمعهم، وعرض عليهم الامر، فقال له ابن الزبير:
إختر منا إحدى ثلاث: إما أن تصنع صنيع رسول الله إذ لم يستخلف!
فبايع الناس أبا بكر، أو كصنيع أبي بكر إذ عهد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه، أو كصنيع عمر إذ جعلها شورى بين ستة ليس فيهم أحد ولده، فقال معاوية: هل عندكم غير هذا؟ قالوا: لا، قال: إني أتقدم إليكم وقد أعذر من أنذر! إني قائل مقالة أقسم بالله لئن رد علي رجل منكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يضرب رأسه، فلا ينظر امرؤ منكم إلا لنفسه، ولا بقين إلا عليها. وأمر أن يقوم على رأس كل رجل منهم رجلان بسيفيهما، فإن تكلم بكلمة يرد بها عليه قوله قتلاه، ثم خرج بهم إلى المسجد، فرقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبتز أمر دونهم، ولا يقضى إلا عن مشورتهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد، فبايعوا على اسم الله فبايع الناس، ثم قربت رواحله، فركب ومضى إلى المدينة، وأخذ البيعة من أهلها، وانصرف إلى الشام، فقال الناس لأولئك الرهط: زعمتم أنكم لا تبايعون؟! فأخبروهم بمكيدة معاوية.
لقد أطنبنا القول في ترجمة معاوية لتقوف فهم علل وضع الحديث في عصره على تحليل شخصيته المعقدة أولا، ولتوقف فهم العلائق بينه وبين أم المؤمنين واللاتي سندرسها فيما يلي على ذلك ثانيا.
بين أم المؤمنين ومعاوية:
وجدنا في معاوية خصما لدودا لعلي، حاربه في حياته، ولم ينس اللعن عليه بعد مماته (172)، ووجدنا أم المؤمنين أيضا تحارب عليا في حياته، وتسجد

(172) راجع ما سبق من أمر حجر في الصفحات 327 330 من هذا الكتاب، وسيأتي بتفصيل أوفى إن شاء الله.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»