بإسلامه في مكة، فضرب حتى غشي عليه، ثم أمره النبي بالرجوع إلى قومه (76) ودعوتهم إلى الاسلام، وأنه يأتيه إذا بلغه نبأ ظهوره، فرجع أبو ذر إلى قومه يدعونهم إلى الاسلام. وهاجر إلى المدينة بعد غزوة الخندق.
وأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله في أحاديث صحيحة وردت عنه مثل قوله:
" ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر " (77).
وفي غزوة تبوك تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فحمل متاعه على ظهره وتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وآله ماشيا حتى لحق به، فلما رآه رسول الله قال: " رحم الله أبا ذر! يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده " (78).
ولما ولي عثمان، وأعطى مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث بن الحكم ثلاثمائة ألف درهم، وزيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم، جعل أبو ذر يتلو: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) وجرى بينه وبين عثمان في ذلك محاورات، فأمره أن يلتحق بالشام، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، وبعث إليه معاوية بثلاث مائة دينار، فقال: إن كان من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها. وبنى معاوية قصره الخضراء بدمشق، فقال: يا معاوية! إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت من مالك فهذا الاسراف، فسكت معاوية. وكان أبو ذر يقول:
والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه، والله اني لأرى حقا يطفأ وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثره بغير تقى، وصالحا