أثر العسكر، كلما مر بترس ساقط أو رمح أو متاع حمله حتى أوقر جمله "، ولما انهزم المسلمون في أول الحرب، تكلم نفر من قريش في ذلك كما ذكره ابن هشام وقال (44):
فلما انهزم الناس، ورأي من كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الظغن (*) فقال أبو سفيان بن حرب: " لا تنتهي هزيمتهم دون البحر " وإن الأزلام لمعه في كنانته. وقال غيره: " ألآن بطل السحر " اليعقوبي 2 / 47.
ثم انتصر رسول الله، وأعطى المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين مائة بعير يتألفهم، وأعطى أبا سفيان وابنيه يزيد ومعاوية من الإبل مائة مائة، ومن الفضة أربعين أوقية، فقال أبو سفيان: والله إنك لكريم، فداك أبي وأمي، حاربتك فلنعم المحارب كنت، ولقد سالمتك فنعم المسالم، فعتب على ذلك الأنصار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله: إني تألفت بهم قومهم ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم (45).
دخل أبو سفيان في الاسلام، غير أن المسلمين لم ينسوا مواقفه منهم، فكانوا لا ينظرون إليه، ولا يقاعدونه، على ما رواه مسلم في صحيحه (46)، وروى أيضا أن أبا سفيان أتى على سلمان، وصهيب، وبلال في نفر، فقالوا:
والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. قال: فقال أبو بكر:
أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فأتى النبي صلى الله عليه وآله، فأخبره، فقال: يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك. فأتاهم أبو " الظغن ": بكسر الظاء وسكون الغين: الحقد.
(45) ابن هشام 4 / 139 148.
(46) صحيح مسلم 7 / 171. (*)