أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
مصرهم وأنغلوا، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قبلي ويعلموهم مالا يجيدونه حتى تعود سلامتهم غائلة واستقامتهم اعوجاجا.
فكتب إلى معاوية يأمره أن يسيرهم إلى حمص ففعل (86).
وروى المدائني أنه كان لهم مع معاوية بالشام مجالس طالت فيها المحاورات والمخاطبات بينهم، وأن معاوية قال لهم في جملة ما قال: إن قريشا قد عرفت أن أبا سفيان أكرمها وابن أكرمها إلا ما جعل لنبيه فإنه انتجبه وأكرمه، ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا حلماء.
فقال له صعصعة بن صوحان: كذبت! قد ولدهم خير من أبي سفيان من خلقه الله بيده ونفخ من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر والكيس والأحمق (87).
وإنما كان معاوية يشكو من بقاء صحابة النبي كأبي ذر، وعبادة بن الصامت وغيرهما من التابعين وقراء المسلمين وأخيارهم في الشام خشية أن يعرفوا أهل الشام بما خفي عنهم من الاسلام وأحكامه، فلا يستطيع معاوية آنذاك أن يعيش فيهم عيشة كسرى وقيصر، وبعد أن بلغ السيل الزبى، وثار المسلمون بعثمان في المدينة كتب عثمان إلى معاوية فيمن كتب إليه من ولاته يستمده ويقول:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن أهل المدينة كفروا، وأخلفوا الطاعة، ونكثوا البيعة، فابعث إلي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول.
فلما جاء معاوية الكتاب تربص به وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد علم اجتماعهم، فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى أهل الشام

(٨٦) الأنساب ٥ / 39 43، وقد أوردناها منه ملخصة.
(87) الطبري 5 / 88 90، وابن الأثير 3 / 57 60، وشرح النهج 1 / 158 160.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»