وروى أن عمر بن الخطاب قدم مكة، فقالوا له: إن أبا سفيان ابتنى دارا، فألقى الحجارة فحمل علينا السيل، فانطلق معهم عمر، وحمل الحجارة على كتف أبي سفيان، فرفع عمر يده وقال: الحمد لله الذي آمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعني.
وروى أن عمر اجتاز في سكك مكة، وأمرهم أن يقموا أفنيتهم، ثم اجتاز بعد ذلك فرأى الفناء كما كان، فعلا أبا سفيان بالدرة بين أذنيه، فضربه، فسمعت هند فقالت: أبصر به، أما والله لرب يوم لو ضربته لأقشعر بك بطن مكة، فقال عمر: صدقت ولكن الله رفع بالاسلام أقواما ووضع به آخرين.
هكذا أذل الاسلام أبا سفيان وأعز غيره، فكان في نفسه على الاسلام والمسلمين ما ظهر على فلتات لسانه، ومن ذلك ما رواه جمع من المؤرخين عن ابن الزبير أنه قال: كنت مع أبي باليرموك، وأنا صبي لا أقاتل، فلما اقتتل الناس نظرت إلى ناس على تل لا يقاتلون، فركبت وذهبت إليهم وإذا أبو سفيان بن حرب ومشيخة من قريش من مهاجرة الفتح، فرأوني حدثا، فلم يتقوني، قال: فجعلوا والله إذا مالت المسلمون وركبتهم الروم يقولون: " إيه بني الأصفر " فإذا مالت الروم وركبتهم المسلمون قالوا: " ويح بني الأصفر " فلما هزم الله الروم أخبرت أبي، فضحك، فقال: قاتلهم الله أبوا إلا ضغنا، لنحن خير لهم من الروم (49).
وفي رواية أخرى عنه: فكانت الروم إذا هزمت المسلمين، قال أبو سفيان: " إيه بني الأصفر " فإذا كشفهم المسلمون، قال أبو سفيان:
وبنو الأصفر الملوك ملوك * الروم لم يبق منهم مذكور