عليه ثم أخرج فحمل حتى أتي به منزل أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يصل الظهر والعصر والمغرب فلما أفاق توضأ وصلى وقال: الحمد لله ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في الله. وقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفا لبني مخزوم فقال: يا عثمان أما علي فاتقيته وبني أبيه، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم السرة، فقال عثمان، وإنك لها هنا يا ابن القسرية، قال: فإنهما قسريتان (وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة) فشتمه عثمان وأمر به فأخرج، فأتى أم سلمة فإذا هي قد غضبت لعمار، وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت: ما أسر ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد، فغضب عثمان غضبا شديدا حتى ما درى ما يقول، فالتج المسجد وقال الناس: سبحان الله، سبحان الله، وكان عمرو بن العاص واجدا على عثمان لعزله إياه عن مصر وتوليه إياها عبد الله بن سعد بن أبي سرح فجعل يكثر التعجب والتسبيح.
ومنها في قصة دفن ابن مسعود فإنه كان قد أوصى أن يصلي عليه عمار ولا يؤذن به عثمان ففعل، فلما أخبر بذلك غضب عليه ولم يلبث يسيرا حتى توفي المقداد فصلى عليه عمار وكان أوصى إليه ولم يؤذن عثمان به، فاشتد غضب عثمان على عمار وقال: ويلي على ابن السوداء، أما لقد كنت به عليما (67).
ومما يلفت نظرنا في هذه القصة مجابهة الخليفة عمارا بقوله: يا ابن المتكاء، ويا عاض أير أبيه إلى أمثالها، هذا مع ما ورد في الصحاح والمسانيد عن أم المؤمنين من أن عثمان رجل حيي، وأن الملائكة والله لتستحي من عثمان، وأن رسول الله قد استحى منه لشدة حيائه، إلى غيرها مما فيه الإشادة بذكر حيائه!
ونجد فيها أيضا لام المؤمنين دور القيادة الحكيمة في تحشيد الناقمين من